رعت وزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة ريما كرامي اللقاء العلمي الذي نظمه المركز التربوي للبحوث ولإنماء في قاعة المسرح في وزارة التربية ، لعرض نتائج وتوصيات دراستين : " جهوزية المدارس وقيادتها الفعالة في ضوء المناهج المطورة في لبنان " و : المراجعة المنهجية للأدبيات التربوية لمراحل التعليم ما قبل الجامعي " ، وذلك في إطار سلسلة "لقاءات الثينك تانك البحثية " THINK TANK  ، في حضور المدير العام للتربية الأستاذ فادي يرق ورؤساء الوحدات في الوزارة ، رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء البروفسورة هيام إسحق ورؤساء المكاتب والوحدات في المركز ، منسق اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة الأب يوسف نصر وجمع من مديري المدارس المشاركة في الدراستين ، وعدد من عمداء الكليات في الجامعات المشاركة في الدراستين ، وممثلة الوكالة الفرنسية للتنمية السيدة لبنى ابي خليل، وجمع من الباحثين والخبراء والتربويين .
بعد النشيد الوطني كلمة تعريف من مدير اللقاء المستشار الإعلامي ألبير شمعون ،أشار فيها إلى أننا نتحلق اليوم حول باحثات وباحثين في لقاء علمي، لنغتني بنتائج وتوصيات تصب في خانة التطوير التربوي.

إسحق : 
ثم تحدثت رئيسة المركز التربوي للبحوث والانماء البروفسورة هيام إسحق فقالت : أبرز مهام المركز التربوي للبحوث والإنماء ،هي تلك المتعلقة بالبحوث التربوية واستخراج مؤشراتها ووضعها كقاعدة أساساية للتخطيط التربوي وتطوير المناهج ،وفي خدمة القرار التربوي الذي تتخذه الوزارة ، مبنيا على الحقائق العلمية والبحثية ، وقد أدرك المؤسسون أهمية البحث العلمي فوضعوه في مقدمة تسمية المركز التربوي للبحوث والإنماء .
ويثلج القلب أن يلتئم شملنا اليوم برعاية كريمة من وزيرة باحثة تربوية تجمع بين المسؤولية الإدارية عن وزارة مترامية المهام ، وبين التركيز على البحوث كنظام ووسيلة للتطوير التربوي ، وهي تقوم بذلك بصبر المؤمن وبشغف المتعلق بعمله فتبدع في المجالين في آن .
أضافت : يندرج لقاؤنا اليوم ضمن سلسلة لقاءات الثينك تانك البحثية ، التي يطلقها المركز التربوي للبحوث والإنماء، في إطار تعزيز دوره الوطني كمصدر للمعرفة التربوية، وكمحفّز للحوار البحثي البنّاء حول أولويات التطوير التربوي في لبنان.
 ويسرني أن يتمحور هذا اللقاء حول عرض نتائج وتوصيات دراستين نحتاج اليهما في عملية تطوير المناهج التربوية وعصرنة لإدارة وتعزيز القدرات القيادية لدى مديري المدارس والمديرين في الإدارة في ضوء المناهج المطورة . كما لعرض المراجعة المنهجية للأدبيات التربوية لمراحل التعليم ما قبل الجامعي .
إنّ تأسيس "الثينك تانك البحثي" في مكتب البحوث التربوية في المركز التربوي هو أكثر من مجرّد مبادرة؛ إنه إعلان واضح بأن السياسات التربوية لا تُبنى من فراغ، بل على أسس معرفية، وتحليل علمي، ومشاركة واسعة من الخبراء والمجتمع التربوي. 
وأود في هذه المناسبة أن أتقدم بتحية الشكر والتقدير لمعالي الوزيرة الدكتورة ريما كرامي التي كانت منذ اليوم الأول نصيرة للبحث التربوي الجاد، وداعمة حقيقية لمسار تطوير المناهج التربوية من أجل بناء مدرسة لبنانية حديثة، دامجة، وعادلة. وهي التي تقدر العمل البحثي الذي يقوم به المركز التربوي وتدفع باتجاه تعزيزه وتطويره ليلعب دوره في خدمة التطوير التربوي.
 كما اشكر منسقة ثينك تانك البحث والإبتكار التربوي الوطني الدكتورة إيمان خليل على جهودها . والشكر نفسه إلى مديري الجلسات الدكتور كمال ابو شديد والدكتور صوما أبو جودة ، وإلى أعضاء اللجنة التوجيهية واللجنة العلمية في ثينك تانك ، والجامعات والمدارس المشاركة في الدراستين ، وإلى الباحثات والباحثين الذين بذلوا جهودا جبارة للوصول إلى هذا اليوم المبارك.
تحية شكر وتقدير ايضا إلى مكتب البحوث التربوية في المركز التربوي برئاسة الدكتورة غيتا حنا ، على الجهود والتعاون مع الجميع.
فهاتان الدراستان لا تُقدّمان فقط بيانات وتحليلات، بل تضعان بين أيدينا أرضية للتخطيط، وإعادة النظر، وصوغ السياسات التعليمية ، بما ينسجم مع رؤية لبنان التربوية الجديدة.
إنّ تطوير المناهج التربوية ليس مجرّد تعديل في المحتوى أو تغيير في الأهداف، بل هو فعلٌ مركّب يتطلّب بيئة تعليمية مهيأة، قيادة مدرسية مؤهّلة، ونظامًا داعمًا يُعطي البحث التربوي مكانته كركيزة أساسية لكل قرار.
من هنا، يأتي دور هذا اللقاء وغيره من لقاءات الثينك تانك، كمساحات تفكير مشترك بين أصحاب الخبرة والمعنيين، لنُعيد معًا تعريف الأولويات ونحوّل المعرفة إلى أثر فعلي في السياسات والممارسات.
أشكركم على حضوركم وإسهاماتكم،وأجدد الشكر لمعالي الوزيرة على دعمها الدائم،ولفريق العمل البحثي والميداني الذي أنجز هاتين الدراستين بروح علمية عالية. ونتطلع إلى نقاش مثمر، وإلى شراكات متجددة في خدمة التربية في لبنان.

خليل :
ثم تحدثت منسقة ثينك تانك البحث والإبتكار التربوي الوطني الدكتورة إيمان خليل فعرضت لمحةً تعريفية عنه مشيرة الى ان تجربة الثينك تانك انطلقت من وثيقة الإطار الاستراتيجي التي أُعدّت بمبادرة من الوكالة الجامعية الفرنكوفونية  AUF عام 2022، وبدعم من الوكالة الفرنسية للتنميةAFD .وعند تسلّم رئيسة المركز مهامها، آمنت بهذه المبادرة وسعت إلى تفعيلها، فتم إطلاق "الثينك تانك" برعاية وزير التربية السابق، في كانون الأول  2023  وبدعم من  برنامج S2R2.
ويضمّ "الثينك تانك" مجموعةً تشاركية من الباحثين التربويين والخبراء من القطاعين العام والخاص، ويهدف إلى توجيه البحث العلمي التربوي نحو قضايا وطنية راهنة، وتحويل نتائجه إلى توصيات عملية مبنية على الأدلة، تسهم في تطوير المناهج وصياغة السياسات التربوية في لبنان. كما عرضت المنسقة هيكلية "الثينك تانك" وعرّفت بأعضاء اللجنة التوجيهية وهم: ايمان خليل، صوما بوجودة، فادي الحاج، جورجيا هاشم غيتا حنا وانطوان قطار، وأعضاء المجلس العلمي وهم: نديم منصوري، كمال أبو شديد، انيس الحروب، صونيا قسطنطين، غينيا زغيب، علي فقيه ويوسف الريس.
وقد أنجز "الثينك تانك" خلال عامَي 2024-2025 ثلاثة مشاريع بحثية:
1.    دراسة "التربية على المواطنية والمواطنية الرقمية". وقد نظّم "الثينك تانك" ورشة عمل خاصة بهذه الدراسة في نيسان 2025، هدفت إلى دراسة الاتساق بين مكوّنات المنهج (المحتوى، الكفايات، الاستراتيجيات، التقييم، وتكوين المعلمين)، وخُصِّصت هذه الورشة للجان العاملة راهنا في تطوير المناهج في المركز التربوي. وعلى أثر هذه الورشة تم اعداد مشروع لموجز سياسات (policy brief) خاصة بالتربية على المواطنية في لبنان. 
2.    دراسة "جهوزية المدارس وقيادتها الفعّالة في ضوء المناهج المطوّرة في لبنان"
 ركّزت على تحليل واقع المدارس اللبنانية من حيث الجهوزية المؤسسية والقيادية، وخلصت إلى توصيات تطبيقية تمهّد لوضع سياسة وطنية تعزّز القيادة المدرسية الفعّالة.
3.    المراجعة المنهجية للأدبيات التربوية لمراحل التعليم ما قبل الجامعي (2014-2025) 
هدفت المراجعة إلى رصد وتحليل الإنتاج البحثي في لبنان، وتحديد المجالات البحثية التي لا تحظى بالاهتمام من أجل توجيه أجندة البحث المستقبلية نحو أولويات ملحّة.

الوزيرة كرامي :
بعد ذلك تحدثت راعية اللقاء وزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة ريما كرامي فقالت :
 إنني سعيدة لأن أكون معكم في "المساحة " التي اعتبرها بيتي المهني ومجتمعي المهني.  كما انني سعيدة لأن ورشة إصلاح المناهج ارتبطت بمبادرات حسية وأن جهدكم وهدفكم من هذه المراجعات هو أن ترشدوا السياسات. 
ووجهت الشكر إلى الخبراء والباحثين والمعلمين والمتعلمين الذين عكسوا إيمانهم بأننا يجب أن نعتمد على العلم في عملنا التربوي . واكدت من موقعها المسؤول أن البحث العلمي هو إعطاء مكانة للعلم في قطاعنا التربوي وفي واقعنا اللبناني ، إذ أن البعض يعتبر البحث العلمي ترفا .
واشارت الوزيرة ألى التحديات التي تواجهنا وابرزها صدقية المعرفة ومكانتها عند أصحاب القرار الإداري والمؤثر على السياسة التربوية. ورأت ان ما قمتم به خطوة أولى نحو فرض " سلطة العلم" على القرار السياسي التربوي. 
أما التحدي الثاني فيتمثل في عظمة المشكلة، وهي الإستجابة للأزمة ووضع مخططات التطوير لبنية منهارة لا تملك مقومات النجاح ، والعمل من أجل بناء القدرات للتطبيق وليس فقط للمعرفة. 
 والتحدي الثالث هو في الإفادة من  Think Tank وكيفية تفعيل دور المركز التربوي في الأبحاث التجريبية والإجرائية بخدمة التطوير وخدمة "التنفيذ". 
ورأت الوزيرة أنها فرصة للمركز التربوي في بناء شراكات مع الجامعات ومراكز أبحاثهم، لأنه مركز يضع أجندة البحوث التي يقترحها على الباحثين، وان للوزارة وإدارتها مسؤولية اولى عبر المركز التربوي بان يكون البحث في قطاعنا التربوي للتاثير ولاتخاذ القرارات ودعمها ، والبذور موجودة لدى ثينك تانك ، وقالت إن مهمتي في الوزارة هي المحافظة على استدامة هذه المبادرة وتأمين حوكمة المركز التربوي ، فهذه فرصة وأولوية أساسية لنا في الوزارة .
واعتبرت الوزيرة أننا في حاجة إلى تسهيل الوصول إلى المعلومات، فالوزارة والمركز وما فيهم من أقسام يجب ألا تكون مقفلة على الباحثين، ونحن في حاجة إلى أرشفة المعلومات بطريقة منهجية Retrievable لكي نسهل وصول الباحثين إلى المعلومات اللازمة لفهم السياق. 
وأشارت الوزيرة إلى انه علينا أن نصارع لنحصل على صدقية المعرفة عند المؤثرين خارج القطاع التربوي أي عند النواب وممثلي الشعب لنفرض سياسة العلم والمعرفة ، لأن الإستثناءات كثيرة ، وبالتالي فإن الخبرة كمصدر للسلطة تقف بوجه التفكك والفساد والتدخلات التي لا تضع الصالح العام أولوية على أجندتها.  

الجلسة الأولى :
ثم انعقدت الجلسة الأولى حول جهوزية المدارس وقيادتها الفعّالة في ضوء المناهج المطوّرة، والتي تستكشف الواقع التربوي من خلال عدسة القيادة والتعليم، وتولى إدارة الجلسة وتقديم التعقيب على الدراسة مدير مركز البحوث التطبيقية في جامعة سيدة اللويزة الدكتور كمال أبو شديد ، فيما شارك في العرض كل من منسق الدراسة الأستاذ أكرم سابق ، والدكاترة جورجيا هاشم ، غيتا حنا ، محمد رمال ، وسمر زيتون .
واشار المشاركون إلى أن ورشة المناهج انطلقت لتجعل المتعلم أكثر ارتباطا بالحياة ، وركزت على مدى جهوزية الإدارة المدرسية لهذا التطوير ولكي تعمل على ترجمة الرؤية وقيادة التغيير وبناء القدرات ، والعمل على تمهين القيادة المدرسية .
كما تم عرض تحليل نتائج الإستبيانات وما يتعلق بمدى توفير البيئة المدرسية المؤهلة والجاهزة لاستقبال المتعلمين من ذوي الإحتياجات الخاصة والصعوبات التعلمية ، كما كان تركيز على مدى استخدام التكنولوجيا والكتب المدرسية الرقمية وتعزيز قدرة المتعلمين على التعلم ، إضافة إلى تعزيز كفاءة المعلمين في توفير الدعم التربوي .
ولفت المشاركون في الدراسة إلى مدى توافر الكفايات القيادية لدى المدير والتشارك مع النظار والمعلمين والمتعلمين في اتخاذ القرار والمتابعة والتقييم.
كما كانت إشارة إلى عدد من التوصيات المتعلقة بتحسين كفايات المديرين والنظار وإعداد المديرين في كلية التربية ومتابعة التدريب المستمر من خلال المركز التربوي ، وتعزيز الشراكة مع الأهل وشرح أهمية المناهج المطورة وتشكيل مجالس أمناء للمدارس الرسمية وتحسين التواصل داخل المدرسة ، وضمان شفافية القرارات التربوية وتعزيز البيئة المدرسية الصحية والآمنة وتحديث الإطار التشريعي والإداري .

الجلسة الثانية :
ثم انعقدت الجلسة الثانية وتمحورت حول المراجعة المنهجية للأدبيات التربوية لمراحل التعليم ما قبل الجامعي، والتي تؤسّس لفهم معمّق للسياقات والنماذج المرجعية. وتولى إدارتها وتقديم التعقيب على الدراسة ، مستشار عميد الآداب والعلوم لشؤون الهيئة التعليمية في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور صوما أبو جودة ، فيما شارك في العرض كل من المنسقة الدكتورة إيفا هاشم ، والدكاترة أنجيلا كحيل ، وكريستال ستيفان حايك، وركز الباحثون على وجود أبحاث كثيرة جدا في كل مكان ، لكن العمل تركز حول جمعها ، وأشاروا إلى أن هذه المراجعة هي الأولى من نوعها ، لأن المركز والوزارة في مرحلة تطوير المناهج وتأتي الأبحاث والدراسات للتأكيد ان تطوير المناهج مبني على الأسس العلمية ، وكان الهدف اكتشاف التغيير في الأدبيات في خلال السنوات العشر المنصرمة ، وإنشاء داتا للأبحاث في لبنان والتقدم بتوصيات حول المواضيع التربوية الملحة تتماشى مع حاجات لبنان ، وبناء شراكات فعلية بين البحث العلمي وصناع القرار .
واشار الباحثون إلى أهمية الإضاءة على الثغر والفروق بين المدارس في المناطق خصوصا البعيدة والمهمشة وإعطاء الأولوية لوجهات نظر المتعلمين.
كما كانت إشارة إلى ان الطرائق المستخدمة في الدراسة هي مراجعة منهجية ، وتم عرض المصادر المعتمدة وأبرزها المصادر والأدلة في تطوير السياسات التربوية واتخاذ القرار . كما كان تركيز على ضرورة توفير مجلات محكمة لبنانية لنشر البحوث التربوية .