في إطار الجهود الوطنية لتحديث المناهج التعليمية في لبنان، عقدت لجنة حقل اللغة الفرنسية اجتماعًا في المركز التربوي للبحوث والإنماء لمتابعة العمل على صياغة منهج اللغة الفرنسية الجديد، في ضوء السياسة اللغوية الوطنية والإطار الوطني لتطوير المناهج. وأوضحت مارينا الشمّاس، مسيّرة قسم اللغة الفرنسيّة اللغة الفرنسية في المركز التربوي ومنسقة لجنة اللغة الفرنسية، أن العمل على تطوير منهاج اللغة الفرنسيّة يتم للمرة الأولى ضمن ميدان اللغات، إلى جانب منهجيّ اللغة العربية والإنجليزية. والهدف الأساسي هو تطويراللغة الفرنسية كلغة للتعليم والتعلّم وكلغة أجنبية، استنادًا إلى موقعها المحدّد في السياسة اللغوية.
وأضافت الشمّاس أن اللجنة تضم مجموعة من الخبراء المتخصصين في مجال منهجية تعليم اللغة وفي المجال الادبي، مما يتيح مقاربة شاملة تجمع بين الجانب التربوي والجانب الثقافي. وأشارت إلى أن المناهج الحديثة يجب أن تأخذ في الاعتبار حاجة المتعلم اللبناني إلى التفاعل مع لغات متعددة ضمن بيئة اجتماعية واقتصادية متغيرة. كما أكدت أن التعليم باللغة الفرنسية لا يقتصر على الكفايات اللغوية الأساسية، بل يمتد ليشمل التمكن من التفكير النقدي، التعبير الذاتي، فهم النصوص المتنوعة، وتقدير الأدب والثقافة كوسيلة لتوسيع الآفاق وبناء شخصية متكاملة. ولفتت إلى أهمية التعاون بين اللغات الثلاث المعتمدة، وتكامل أدوارها بما يثري المسار التعليمي ويعكس الواقع اللغوي في لبنان. وشددت على أن اللجنة لا تكتب منهجًا نظريًا فقط، بل تعمل على تقديم رؤية متكاملة تربط المدرسة بالحياة الواقعية، وتجعل من اللغة الفرنسية أداة فعّالة في تنمية المتعلم اللبناني.
الدكتورة ريما السويدي، الأستاذة المساعدة في العلوم التربوية في جامعة الروح القدس - الكسليك، شددت على أهمية الالتزام بالإطار الوطني الذي يعتمد المقاربة بالكفايات (Approche par compétences) وكذلك بالسياسة اللغوية الجديدة ، معتبرة أن هذا التحول الجذري يهدف إلى إعداد متعلمين يتمتعون بالتفكير النقدي والإبداعي والقدرة على اتخاذ القرار والتكيف مع مختلف مواقف الحياة.
أما الأستاذة بدرية الرفاعي، عضو اللجنة والمسؤولة عن مركز الموارد الذي يُعنى بتدريب المعلمين في الشمال وعكار، فقد أشارت إلى أن إعادة صياغة المنهج تأتي نتيجة مسار طويل من التقييم بدأ منذ عام 2004، لتجاوز ثغرات منهج 1997، وتتماشى مع تطورات القرن الحادي والعشرين، بما في ذلك مهارات الذكاء الاصطناعي وصناعة المعرفة. وشددت على أهمية بناء متعلم قادر على التعلم مدى الحياة، يمتلك مهارات التعاون والتواصل والعمل ضمن فرق متعددة الاختصاصات.
كما أوضحت أن المقاربة الجديدة تعتمد نظرة متجانسة إلى اللغات، تأخذ بعين الاعتبار التعددية اللغوية في لبنان، وتطمح إلى تعليم اللغة الفرنسية كلغة تواصل يومي، ولغة تعليم للمواد العلمية، ولغة أدب وثقافة، ما يعزز الحس الجمالي والمخيلة النقدية لدى المتعلمين، ويمكنهم من قراءة النصوص بعمق واستيعاب المعاني الضمنية.
هذا الاجتماع يأتي ضمن سلسلة من اللقاءات الدورية التي تعقدها اللجنة لإنجاز منهج حديث يواكب تطلعات لبنان التربوية والمجتمعية، ويعيد للغة الفرنسية دورها التربوي والثقافي في نظام تعليمي يسعى إلى تخريج مواطنين فاعلين في مجتمع متعدد، متغير ومتطور.