مشكلة إدمان المخدّرات

 

تعتبر مشكلة إدمان المخدّرات من أخطر المشاكل الّتي يواجهها مجتمعنا اللّبنانيّ اليوم. وتُشير نتائج بعض الدّراسات الوطنيّة في لبنان إلى تزايد أعداد متعاطي الموادّ المخدّرة وبخاصّة النّساء، وانخفاض أعمار المتعاطين إلى ما دون 15 عامًا.
ويتركّز انتشار هذه المشكلة في فئة الشّباب، وهذا مؤشّر خطر جدًّا لفقدان المجتمع اللّبنانيّ للطّاقات الشّابّة الّتي يتوقّف عليها تطوّر المجتمع وتقدّمه.  
والإدمان، بشكل عامّ، هو تعاطي موادّ لديها قدرة على إحداث التّبعيّة الجسميّة أو النّفسيّة، وهذه الموادّ عادة تُدعى المخدّرات لأنّها تملك القدرة على تعديل الجانب النّفسيّ للمتعاطي، وفي مقدّمتها الحشيش والكوكايين والهيروين.
أمّا بحسب تعريف منظّمة الصّحّة العالميّة فإنّ الإدمان هو "حالة تسمّم متقطّع أو مزمن، تحدث نتيجة استهلاك أو تناول متكرّر لمخدّر ما، سواء أكان طبيعيًّا أم اصطناعيًّا". كما يُعرف بأنّه حالة نفسيّة وعضويّة تنتج عن تفاعل الفرد مع العقار، ومن نتائجها ظهور خصائص تتّسم بأنماط سلوكيّة مختلفة تشمل دائمًا الرّغبة الملحّة في تعاطي المخدّر، بصورة مستمرّة أو دوريّة، للشّعور بآثاره النّفسيّة، ولتجنّب الآثار المهدّدة أو المؤلمة الّتي تنتج عن عدم توافره. وقد يدمن المتعاطي على أكثر من مادّة واحدة. والأنواع الّتي تحدث الإدمان هي الكحوليّات والمخدّرات كالأفيون ومشتقّاته والكوكايين والحشيش والعقاقير المختلفة. وبعد أن يحصل المدمن على هذه اللّذة تنتابه حالة من المعاناة والتّعب ما يدفعه إلى البحث من جديد على الإشباع مرّة أخرى.(1) 
ونظرًا لخطورة هذه المشكلة لا بدّ لنا من البحث عن أبرز أسباب هذه المشكلة لمحاولة تفاديها. 

 

فما هي أبرز أسباب الإدمان؟
تتعدّد الأسباب الاجتماعيّة والاقتصاديّة والنّفسيّة الّتي تؤدّي بالمراهقين والشّباب إلى الإدمان على المخدّرات ومن هذه الأسباب:
-    عدم الوعي والإدراك لخطورة المخدّرات.
-    الفضول والحشرية وبخاصّة لدى المراهقين لتجربة شيء جديد. فمرحلة المراهقة حسّاسة جدًّا، يمرّ فيها الفرد بكثير من التّقلّبات الجسديّة والنّفسيّة، ويكون عرضة لأيّ إغراء، ولديه حماس لخوض أيّ تجربة من دون دراسة عواقبها في بعض الأحيان.
-    ضغط الأقران ورفاق السّوء، ففي كثير من حالات الإدمان يكون للرّفاق تأثيرٌ كبيرٌ في دفع الفرد لتجربة المخدّرات، وبخاصّة إذا كانوا من رفاق السّوء أي المدمنين أو المتعاطين.
-    ضعف قدرة المراهق أو الشّاب على مقاومة الضّغوطات سواء أكانت اجتماعيّة أم نفسيّة أم اقتصاديّة وذلك في غياب الدّعم والاحتضان النّفسيّ والعاطفيّ للمدمنين.
-    الدّلال الزّائد للأولاد وغياب المراقبة والمحاسبة من قبل أولياء أمورهم.
-    القسوة والشّدّة وغياب الحوار بين الأولاد وأولياء أمورهم. 
-    كثرة الأموال أو قلّتها ما يؤثّر سلبًا في الشّخص.
-    ساعات الفراغ الطّويلة في ظلّ غياب الهوايات والأهداف المحدّدة لدى الشّباب، ما يدفعهم باتّجاه الفراغ الفكريّ والاجتماعيّ.
-    الفشل المتكرّر (الرّسوب في المدرسة أو الجامعة، عدم إيجاد فرص عمل، فشل علاقة عاطفيّة...) 
-    الهروب من الواقع ومشكلاته وهي كثيرة. قد تكون مشاكل عائليّة، مهنيّة، اقتصاديّة أو عاطفيّة.
-    الانتشار العشوائيّ للنّوادي اللّيليّة وأماكن السّهر المشبوهة وغير المراقبة (دخول المراهقين ما دون 18 عامًا إلى هذه الأماكن...) وبخاصّة بالقرب من الأماكن السّكنيّة وبعض المدارس والثّانويّات في بعض الأحيان.
www.educapsy.com/blog

 

ما هو تأثير الإدمان في الفرد وفي المجتمع؟
الإدمان آفّة تعانيها المجتمعات وتنعكس سلبًا على المدمن وتنتج عنها أضرار صحّيّة ونفسيّة واجتماعيّة ما يؤثّر في المدمن وفي محيطه وفي المجتمع ككلّ. سنورد فيما يأتي أبرز أضرار الإدمان على المخدّرات:
-    رفض القيم والمبادىء العائليّة والأخلاقيّة والدّينيّة.
-    التّحدّي المتزايد للوالدين وللمجتمع. 
-    الانحراف السّلوكيّ والجنوح (الميل نحو القتل، السّرقة، الاغتصاب، العصابات،...).
-    ازدياد حالات الطّلاق، التّفكّك الأسري، المشاكل العائليّة.
-    فقدان الشّعور بالذّنب تجاه الإساءة للآخرين. 
-    فقدان الطّاقة الشّابّة الّتي يقف عليها تقدّم الوطن وتطوّره (عائليًّا ووطنيًّا)
-    حدوث أمراض نفسيّة مزمنة واضطرابات عقليّة كالإصابة بمرض الذّهان (اختلال عقليّ)، ومرض الاكتئاب، والقلق، والهلوسة..
-    حدوث مشاكل صحّيّة وجسديّة خطيرة جدًّا.
إذا فإنّ الإدمان على المخدّرات من أخطر ما يمكن أن يواجه مجتمعاتنا في العصر الحالي، ويُفقدنا الطّاقات الشّابّة الّتي يتوقّف عليها تطوير المجتمع وتقدّمه، إذ لا يمكن أن ننظر إلى أيّ عمليّة تنمية بشريّة مستدامة من دون أن يكون الشّباب وطاقاتهم الفكريّة عنصرًا أساسيًّا فيها. وبناء على ذلك يتوجّب علينا المحافظة عليهم وإبعاده عن أيّ ضرر أو آفّة من الممكن أن تفتك بهم وتؤثّر فيهم. فكلّنا مسؤولون من أهل، ومجتمع مدنيّ، ومؤسّسات تربويّة، ومؤسّسات رسميّة. 
 
غفلة المجتمع هي يقظة للمخدّرات. فلنكن واعين، ساهرين، حاضنين لشبابنا.
                                                                           سيدة فرنسيس 
                                                                المركز التّربويّ للبحوث والإنماء