المُخَدِّرات

 


    المُخَدِّراتُ هِيَ: جَمْعُ "مُخَدِّر" على وَزْنِ: مُكَبِّرٍ ومُعَظِّمٍ، وهيَ اسْمُ فاعِلٍ مِنْ: خَدَّرَ، ومَعْنَى خَدَّرَ: غَيَّبَ العَقْلَ والإِدْراكَ، وعَطَّلَ الإِحساسَ. ومِنْهُ خَدَّرَهُ الشَّرابُ. وتُخَدِّرُهُ الحُبوبُ. فهوَ مُخَدَّرٌ. ومِنهُ: التَّخْديرُ الكوكايينِيُّ في الطِّبِّ؛ وهو تَعطيلُ الإِحساسِ - مَوْضِعِيًّا- بالكوكايينِ. وأَصْلُهُ مِنَ: الخَدَرِ؛ وهوَ: الكَسَلُ والفُتورُ. ومِنهُ: الخادِرُ: الفاتِرُ الكَسْلانُ. والخَدِرُ: النَّاعِسُ. والخَدِرُ مِنَ الظِّباءِ: الفاتِرُ العِظامِ. والخُدورُ مِنَ الدَّوابِّ: المُتَخَلِّفُ الَّذي لَمْ يَلْحَقْ.
    والعَلاقةُ واضِحَةٌ بَيْنَ مَعْنَى: الخَدَرِ؛ وهو الكَسَلُ والفُتورُ، ومَعنَى: التَّخْديرِ؛ وهوَ تَغييبُ العَقْلِ والإِدراكِ، وتَعطيلُ الإِحساسِ؛ فكِلاهُما فيهِ مَعْنَى سَتْرِ شَيْءٍ.
        والمُخَدِّراتُ اصْطِلاحًا، هيَ كُلُّ مادَّةٍ نَباتيَّةٍ، أَوْ مُصَنَّعةٍ تَحتوي على عَناصرَ مُنوِّمةٍ، أَو مُسَكِّنةٍ، والَّتي إذا استُخدِمَتْ في غَيرِ الأَغراضِ الطِّبِّيَّةِ المُعَدَّةِ لَها، فإِنَّها تُصيبُ الجِسمَ بالفُتورِ والخُمولِ، وتَشُلُّ نَشاطَهُ، كَما تُصيبُ الجِهازَ العَصَبِيَّ، والجِهازَ التَّنَفُّسِيَّ، كَما تُؤَدِّي إِلى حالةٍ مِنَ التَّعَوُّدِ، أَو ما يُسَمَّى "الإِدمان"، مُسَبِّبَةً أَضرارًا بالِغَةً بِالصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ والبَدَنِيَّةِ والاجتماعيَّةِ.
        وإِنَّ أَبْرَزَ الأَسبابِ الَّتي تُعَرِّضُ الشَّخْصَ لِخَطَرِ الإِدمانِ: الجَهلُ بِأَخطارِ اسْتِعمالِ المُخَدِّر؛ وضُعفُ الوازِعِ الدِّينيِّ؛ والتَّنشِئَةُ الاجتماعيَّةُ غَيْرُ السَّليمةِ؛ والتَّفَكُّكُ الأُسَرِيُّ؛ والفَقْرُ؛ والجَهْلُ؛ والأُمِّيَّةُ؛ والثَّراءُ الفاحِشُ؛ والتَّبذيرُ دونَ حِسابٍ؛ وانْشِغالُ الوالِدَيْنِ عَنِ الأَبْناءِ؛ وعَدَمُ وُجودِ الرَّقابةِ والتَّوجيهِ؛ وعَدمُ وُجودِ الحِوارِ بَيْنَ أَفرادِ العائِلةِ؛ ومُجالَسَةُ رِفاقِ السُّوءِ أَوْ مُصاحَبتُهُمْ؛ والبَطالةُ والفَراغُ.
        وإِنَّ أَبْرَزَ عَلاماتِ الشَّخصِ المُدْمِنِ: التَّغَيُّرُ المُفاجِئُ في نَمَطِ الحياةِ، كالغِيابِ المُتَكَرِّرِ، والانقِطاعِ عَنِ العَملِ أَو الدِّراسةِ؛ وتَدَنِّي المُستوَى الدِّراسِيِّ، أَو تَدَنِّي أَدائِهِ في العَمَلِ؛ والخُروجُ مِنَ البَيتِ لأَوقاتٍ طويلةٍ، والتَّأَخُّرُ خارجَ البيتِ لَيْلًا؛ وتَقَلُّبُ المِزاجِ، والمَشاكلُ الأُسَرِيَّةُ، والخِلافاتُ الزَّوجيَّةُ، بِسببِ التَّغيُّراتِ السُّلوكيَّةِ؛ وعَدَمُ الاهتِمامِ بِالمَظهَرِ؛ والغَضَبُ لِأَتْفَهِ الأَسبابِ؛ والتَّهَرُّبُ مِنْ تَحَمُّلِ المَسؤوليَّةِ؛ وعَدَمُ المُبالاةِ؛ والإِسرافُ، وزِيادةُ الطَّلَبِ على النُّقودِ؛ والمَيْلُ إِلى الانْطِواءِ والوَحدةِ؛ وفُقْدانُ الوَزنِ المَلحوظِ، نَتيجةَ فُقدانِ الشَّهِيَّةِ؛ وضُعفُ الذَّاكرةِ؛ وصُعوبةُ التَّركيزِ، والتَّناسقِ الحَرَكيِّ؛ واحمِرارُ العَيْنَيْنِ؛ وزيادةُ ضَغطِ الدَّمِ، ودَرجةِ الحَرارةِ، ومُعَدَّلِ ضَرباتِ القلبِ؛ وتَباطُؤٌ في التَّنَفُّسِ؛ والاكتِئابُ والأَرَقُ؛ والنُّعاسُ والدُّوار؛ وفُقدانُ الوَعيِ، والغيبوبةُ؛ والمَوتُ المُفاجِئُ؛ والانتحارُ.
        أَمَّا عِلاجُ إِدمانِ المُخدِّراتِ، فيُمكنُ اختِصارُهُ بالآتي:
        أ- خَفْض جُرعةِ المُخَدِّراتِ تَدريجِيًّا، واستبدالها بمَوادَّ أُخرَى مُؤَقَّتًا، يكونُ لها آثارٌ جانبيَّةٌ أَقَلَّ حِدَّةً.
        ب- تَقويم حالَةِ المَريضِ، وتَشخيص نَوعِ المُخَدِّرِ، والتَّعرُّف إِلى دَرجةِ الإِدمانِ الَّتي وَصَلَ إِليها المريضُ، مِنْ خِلالِ عَمَلِ فُحوصٍ طِبِّيَّةٍ شاملةٍ.
        ج- إِزالَة المُخَدِّرِ مِنَ الجِسْمِ بِطُرُقٍ طِبِّيَّةٍ فَعَّالَةٍ، مِنْ دونِ أَلَمٍ؛ وذلكَ بِاسْتِخْدامِ أَحدَثِ الوَسائِلِ الطِّبِّيَّةِ العِلاجِيَّةِ، وإِعطاءِ المريضِ الدَّواءَ المُناسِبَ لِتَخَطِّي هَذِهِ الخُطْوَة بِنَجاحٍ.
        د- إِعادة التَّأْهيلِ النَّفْسِيِّ والسُّلوكِيِّ؛ وتُعَدُّ هَذِهِ المَرحَلةُ مِنْ أَهَمِّ مَراحلِ التَّعافي مِنَ الإِدمانِ، إِذْ يَتِمُّ وَضعُ البَرنامجِ المُناسِبِ لِلمريضِ؛ وفيها يَتِمُّ قِياسُ مَدى اسْتِجابةِ المَريضِ لِلعِلاجِ. 
        هـ- مُتابَعَةُ الشَّخصِ المُتعافَى بَعْدَ العِلاجِ، وذلكَ لِتَقديمِ الدَّعمِ الكافي، والعملِ على مُساعدتِهِ لِلتَّأَقْلُمِ مَعَ الحَياةِ بِصورةٍ طَبيعيَّةٍ.

         وفي الخِتامِ، مِنْ نافلةِ القولِ: إِنَّ أَفضلَ وَسيلةٍ لِمَنْعِ الإِدمانِ على المُخَدِّراتِ، هيَ عَدَمُ تَناوُلِ المُخَدِّراتِ على الإِطلاقِ. 
                                 قسم الخدمات النفسية والاجتماعية 
                             منسقة مشروع التوعية على ادمان المخدرات 
                                     رئيسة قسم الخدمات النفسية الاجتماعية سيدة فرنسيس 

المراجع

- الحجَّار، حمدي محمَّد. العلاج النَّفسيّ للإدمان على المخدِّرات والمؤثِّرات العقليَّة. الرِّياض: المركـز العربـيّ للدِّراسـات الأمنيَّـة والتَّدريس، 1992.
- السَّيِّد عليّ، محمود. المخدِّرات تأثيراتها وطرق التَّخلص الآمن منها. ط .1، الرِّياض: جامعة نايف العربيَّة للعلوم الأمنيَّة، 2012.
- سويف، مصطفى. المخدِّرات والمجتمع: نظرة تكامليَّة. سلسلة عالم المعرفة .205، الكويت: المجلس الوطنيّ للثَّقافة والفنون والآداب، 1996.
- شاكر، سوسن. "المخدِّرات آثارها النَّفسيَّة والاجتماعيَّة والصِّحِّيَّة على الشَّباب". الشَّباب الجامعيّ وآفة المخدِّرات. ط .1، عمان: كنوز المعرفة، 2008.
- محمَّد أبو جناح، رجب. المخدِّرات آفة العصر. ط .1، ليبيا: الدَّار الجماهريَّة للنَّشر والتَّوزيع، 2000.
- عطيَّات، عبد الرَّحمن شعبان. المخدِّرات والعقاقير الخطرة ومسؤولية المكافحة. ط.1،
الرَّياض: أكاديميَّة نايف العربيَّة للعلوم الأمنيَّة، 2000.
- عفاف، محمَّد عبد المنعم. الإدمان دراسة نفسيَّة أسبابه ونتائجه. مصر: دار المعرفة الجامعية، 2003.
- الدّمرداش، عادل. الإدمان مظاهره وعلاجه. سلسلة عالم المعرفة. 56، الكويت: المجلس
الوطني للثَّقافة والفنون والآداب، 1982.