التّوَاصُل اللساني والشعريّة مقاربة تحليلية لنظرية رومان جاكبسون

التّوَاصُل اللساني والشعريّة مقاربة تحليلية لنظرية رومان جاكبسون

 

نعيم عمّار أستاذ في التعليم الثانوي ثانوية عرمون الرسميةالألسنية علم يدرس اللغة من خلال الملاحظة والوصف وصفاً موضوعياً، يعتمد منهجاً علمياً واضحاً، ابتكره فرديناند دي سوسير في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر ولم يلقَ رواجاً كبيراً حتى ثلاثينيات القرن الفائت حين أطلقه تلامذة سوسير فشكّل ثورة في الدراسات اللغوية، وأصبح حاجة ملحة ليس للغويين فحسب إنمّا لكل باحث أدبي. كثر الذين تحدثوا عن وظائف الكلام، مثل: دي سوسير وبوهلر ومارتينه إلا أن رومان جاكبسون يبقى الأشهر على الإطلاق.

عرض الطاهر بو مزبر في كتاب ''التواصل اللساني والشعريّة: مقاربة تحليلية لنظرية رومان جاكبسون''  المنحى العام لتفكير جاكبسون اللساني ولمحة تاريخية عن وظائف الكلام بالإضافة إلى عوامل التواصل اللغوي لينطلق منها إلى الوظائف اللغوية. وفي ما يأتي محاولة لاستقراء أبرز الأفكار التي وردت في الكتاب:

مقدمة الكتاب
تساءل فيها الكاتب عن مدى تجديد جاكبسون وكون تصوّره خاصّاً ناتجاً من تأمّله الشخصي في الخطابات اللفظية أو مستنداً بشكل أساسي إلى جهد أسلافه، وعن إمكان إعادة قراءة إجرائية للنظرية بمنهج ورؤية معاصرين. وأعلن عن اعتماده المنهج الموضوعي وعدم الوقوف أمام التيارات الحداثية الوافدة متسلحاً باعتبارات نفسية وخلفيات ثقافية مسبقة متغنياً بالتراثية فيفرغ البحث من الأحكام الموضوعيّة المبنية على أسس علمية صارمة، لذا سيتجه اهتمامه الى الآليات الفنية التي تساعد على قراءة العمل الفني ذي الطبيعة اللسانية، والممارسة اللفظية من زاوية شموليّة عالية. ويشبّه العلاقات القائمة بين الأنظمة اللسانية بالعلاقات بين الأمم والشعوب فالأكثر نشاطاً في السوق العالمية هي التي تصدر أكبر قدر ممكن من منتجاتها الاقتصادية.
 

الفصل الأول: كيف توجّه جاكبسون إلى ''الشعريات'' ووضع نظرية التواصل؟
اهتم الدرس اللساني باللغة من خلال حقولها المعروفة )التراكيب والصرف والأصوات والدلالة(، أمّا الحقل الأدبي فظل بعيداً عن اللسانيّات غارقاً في الأحكام الذاتية، حتى جاء الأسلوب بوصفه علماً له مادة ومنهج. وكان منحى جاكبسون أدبياً في أول الأمر غير أن الشعرية هي التي قادت جاكبسون إلى اللسانيات. وفي ما يأتي أبرز النقاط التي توضح المنحى
العام لتفكيره اللساني:
- اللسانيات علم يشمل جميع الأنساق والبنيات اللفظية.
- لا بدّ لأيّ رسالة من وظيفة على الأقل، ويصعب إيجاد رسائل تؤدي وظيفة واحدة لا غير.
- تصنيف الوظائف يعتمد على ستّ نقاط: المرسل والمرسل إليه والرسالة والسنن والسياق والقناة.
 

الفصل الثاني: نظرية التواصل عند سوسير وبوهلر
ركّز سوسير على أربعة عناصر شكّلت، بحسب رأيه، الدارة الكلامية، هي: المرسل والمرسل اليه والسنن والرسالة.
أما بوهلر فركز على ثلاثة عناصر، هي: المرسل والمرسل اليه والمرجع (الموضوع) ما ينتج ثلاث وظائف هي على التوالي: الانفعالية والإفهامية والمرجعية وذلك انطلاقاً من التركيز على ضمير المتكلم أو المخاطب أو الغائب. وقد اعتمد جاكبسون على هذه الوظائف ووسّعها إلى ستّ، سترد في الفصل الرابع.
 

الفصل الثالث: عوامل التواصل اللغوي عند رومان جاكبسون
أخذ جاكبسون عن سوسير ظاهرة التقابل قصد توضيح الشيء بما يناظره، وعن بوهلر الوظائف الأساسيّة الثلاث المعتمدة على ثلاثة عوامل وأضاف إليها لتبلغ ستة عوامل،
هي: المرسل والمرسل إليه والرسالة والسنن والسياق والقناة.
 

1- المرسل Destinateur (أو الباثّ l'émetteur أو المخاطب او الناقل أو المتحدث):
مصدر الخطاب المقدم الى المرسل اليه في شكل رسالة، لا غنى عنه ويتمتع عادة بقدرتي الترميز (الإرسال) codage منطوقة أو مكتوبة، والتلقي décodage
 

2- المرسل إليه (le destinateur ) أو المستقبل (le récepteur):
الذي يقابل المرسل ويفكك أجزاء الرسالة. وهو بحسب سوسير المتحدث (ب) من خلال تعقيبه أو إضافته أو تساؤله أو رفضه الرسالة وفي هذه الحالة يتحول المرسل مرسلاً إليه والعكس صحيح.
ويجب التمييز بين مرسل إليه مباشرة إذ لا فارق زمنياً وربّما مكانياً كما يحصل في حوار صحافي مثلاً ومرسل إليه غير مباشر كما في العمل الإبداعي الفني المتميّز بالكفاءة العالية في تحويل المتلقّي إلى مستقبل لخطابه مهما اختلف المرسل والمرسل إليه في الفضاء الزمكاني.
3- الرسالة ( le message)
الجانب الملموس في العملية التخاطبية حيث تتجسّد أفكار المرسل في صور سمعية في الخطاب الشفوي، أو علامات خطية في الرسالة المكتوبة، وربما في إشارات عديدة (إشارات الصم والبكم وإشارات السير...). وهي تمثل محتوى الإرسال وتتمحور حول إطار مرجعي معين وتنسج أبنية. نظامها في ضوء نظام لغوي مقنّن (سننcode)
4- السَّنَن( code) أو اللغة (language ) أو النظام (système ) أو الكفاية (  compétence):
وهو نظام ترميز( un code )، مشترك كليًا أز جزئيًا بين المرسل والمتلقي، ينطلق منه المرسل في الترميز(codage) ويعود المرسل إليه حين يفكك رموز إحدى الرسائل (décodage) بحثاً عن القيمة الإخبارية التي شحنت بها. لذا فنجاح العملية الإخبارية يعتمد على مدى تمكن طرفيّ الحوار من هذا النظام الذي يتفرّع بدوره إلى أنظمة صغرى فيقسم السنن الشمولي أربعة فروع، هي: المسننات الصوتية والمسننات الصرفية والمسننات التركيبية والمسننات الدلالية، تساعد على فصل الجملة النحوية عن الجمل غير النحوية (أو اللاحنة) استناداً إلى الجهاز الداخلي الذهني للمتكلمين عوض الاهتمام بسلوكهم اللفظي، وبذلك يشكّل النظام الذهني عنصراً أساسياً في النشاط اللساني والمرجع الذي يلجأ اليه السلوك اللفظي ليسلم من اللحن.
5- السياق (le contexte )أو المرجع (le référent):
لكلّ رسالة مرجع تحيل عليه وسياق معين مضبوط قيلت ىفيه، ولا تفهم مكوناتها الجزئية أو تفكك رموزها السننية إلاّ بالإحالة على الملابسات التي أنجزت فيها هذه الرسالة.
وقد يكون لفظياً أو غير لفظي يمثل المحيط الذي ولدت فيه هذه الرسالة وتشكّلت أبنية خطابها اللفظي فيتضمن الموقعSite  أو الإطار الزمكاني والهدف (l'objectif)  والمشاركين في العملية التواصلية  (les participants ) من حيث عددهم ومميزاتهم وعلاقاتهم.
أنماط المراجع (السياقات) الأساسية:
١ - الموجودات مع تعبيرها اللغوي أي الاسم
٢-  الأحداث المعبّر عنها بواسطة الفعل
٣ - كيفيات الوجود والحدوث المعبّر عنها بواسطة الصفة والحال.
٤ - فضاء الأحداث والموجودات المعبّر عنها بواسطة الظروف الزمكانية والحروف التي تساعد على ''موقعة'' الأحداث.
 6- القناة (le canal )
هي الممر الفيزيولوجي بين المرسل والمرسل اليه الذي يسمح بانتقال الرسالة (سواء عبر النطق أو الكتابة أو سوى ذلك).
ويمكننا أن نوجز هذه العوامل الستة بالمخطط الآتي:


الفصل الرابع: الوظائف اللغوية عند رومان جاكبسون
هَدَفَ تحليل العوامل الستة السابقة إلى التوصل إلى الوظائف التي تنتجها:

١ الوظيفة التعبيرية( La fonction expressive)
أو الانفعالية ( Emotive) تركز على المرسل إذ تعبّر ، بصفة مباشرة عن موقف المتكلم حيال ما يتحدث عنه، وتنزع إلى تقديم انطباع عن انفعال معيّن صادق أو كاذب. يتجلى باعتماد آليتين: الأولى دلالية صرفة كصيغة التعجب والاستغاثة والندبة الخ ... حين يكون الخطاب مكتوباً.
أما في الخطاب المنطوق فإلى هذه الآلية ثمة آلية ثانية فيزيولوجية تعتمد النبر والتفخيم والترقيق والجهر والهمس وارتفاع الصوت وانحداره.
تهيمن هذه الوظيفة من الناحية الأسلوبية عندما يحتلّ الكاتب أو الناظم المكانة المركزية في النصّ ويسعى الى التعبير عن أفكاره ومشاعره كما في أدب السيرة أو في الشعر الغزلي فيسيطر ضمير المتكلم وأدوات تركيبية خاصة يتصدرها التعجب.
 

٢ الوظيفة الافهامية ( La fonction cognitive)
  أو التأثيرية impressive ويحمل المصطلح الثاني دلالة عاطفية في حين أن الأول ينطلق من وجهة نظر عقلية. تهيمن في الادب الملتزم والروايات العاطفية اذ تكثر مخاطبة الآخر ومحاولة التأثير عليه وإقناعه أو إثارته.
 

المميزات الأسلوبية للخطاب ذي الطابع الافهامي:
أ- التأثير: الحدث اللساني رباط بين الباثّ والمتقبّل يضفي اليه الأول بصماته التأثيرية التي تعتمد على معادلة ''المفاجأة والتشبّع''.
- المفاجأة: تولد غير المنتظر من المنتظر أي إخراج المفاجئ من الأمور المعقولة العادية التي لا تلفت نظر القارئ أو السامع إلا بدخولها ضمن هذا النسق الأسلوبي المفاجئ المميز ولا تتشكل المفاجأة إلا إذا توافرت العناصر المتضادة فتتناغم وتتكامل: أي مبدأ تكامل الاضداد. والمفاجأة نبضات انفعالية عالية في عمق الخطاب الساكن.
- التشبع: عملية تكرارية كلما كثرت تنازلت حدة التأثير. تهتّز النفس للمفاجأة بفضل شحنتها التأثيرية العالية لكونها غير منتظرة بينما الشحنات المتكررة بشكل متواتر تحدث تشبعاً في نفس المستقبل فتضعف استجابته لارتداداتها.
ب- الإقناع: بتوظيف الحجج المنطقية التي لا تكتسي صيغة الإكراه ولا تُدرج على منهج القمع، وإنمَا تسلك سبلاً استدلالية تجرّ الغير جراً إلى الإقناع.
ج- الإمتاع: تهدف الرسالة الإمتاعية إلى إدخال النشوة في نفس المستقبل فينطفئ المنطق العقلاني وتحلّ محله نفثات الارتياح الوجداني في محاولات لاسترضاء وجدان المتلقّي وعاطفته.
د- الإثارة: عامل استفزاز يحرّك في المتلقّي نوازع ردود فعل. لا تجتمع جميع المميزات في خطاب واحد، فالخطاب الشعري غير العلمي والسياسي غير التجاري، الخ...
وبالرغم من اختلاف الرسائل فهي تركّز على المرسل إليه كما يظهر المخطط الآتي:

٣ الوظيفة الانتباهية( la fonction phatique)
توظّف لإثارة انتباه المخاطب أو التأكد من استمرار جهوزيته للاستقبال، مثل: ''قل، أتسمعني؟'' أو ''إستمع إليّ!'' ومن الجانب الآخر من الخطّ ''هِمْ هِمْ'' أو ''إم إم'' أو ''أي أي''. إذ تنسحب العملية التواصلية قليلاً من دائرة الرسالة للتأكّد من ممرّها، لذا اشترك الباثّ والمتقبّل في صنع هذه الوظيفة.

 ٤ الوظيفة المرجعية (la fonction référentielle )
أو المعرفيّة ( cognitive) أو الإيحائية ( démotive ) حين  تتجه الرسالة إلى السياق وتركّز عليه. فدور اللغة أن تحيلنا على أشياء وموجودات نتحدث عنها بالرمز إليها، إذ اللغة رموز معبّرة عن أشياء.
 

٥ وظيفة ما وراء اللغة (La fonction métalinguistique )
تستعمل حين يشعر المتخاطبان بالحاجة إلى التأكد من الاستعمال الصحيح للسنن (الشيفرة) الذي يوظفان رموزه في التخاطب فيكون الخطاب مركّزاً عليه لأنه يشغل وظيفة ميتالسانية (أو وظيفة شرح) أو ميتالغوية فيتساءل المستمع:إنني لا أفهمك، ما الذي تريد قوله؟ أو: ما تقول؟ ويسبق المتكلم مثل هذه الأسئلة فيسأل: ''أتفهم ما أريد قوله؟'' أو يقول: أريد أن أقول، أو: أقصد ... أي الكلام عن الكلام (لا الكلام عن الأشياء).
 

٦ الوظيفة الشعرية ( la fonction poétique )
أ الشعرية: الوظيفة التي تركّز على الرسالة. وتفرض هيمنتها على فنّ الشعر باعتباره رسالة لفظية وعملاً إبداعياً تتدخل فيه ذاتية المبدع لتنسج أبنيتها داخل نظام لساني معين، وتظهر في الرسائل اللغوية الأخرى وغير اللغوية كما في الفنون (الرسم، الموسيقى، المسرح...).
ب-أنواع الشعريات:
- الشعريات العامة: تتولّى الدراسة الآلية للخطاب تزامنياً بين الأجناس الأدبية لمعرفة ميزاته بغية معرفة وظائفه.
- الشعريات التاريخية: تهتمّ بتحوّل المقولات الأدبية وقوانينها من خلال التركيز على الأجناس الأدبية كلّها.
ج- أدوات الشعريات:
يستخدمها منجز الرسالة قصداً أو عفواً غير أنه يجعلنا نتذوق وقع بنية خطابه، أهمها:

  • التوازي: يتضمن مجموعة أدوات شعرية تكرارية، منها: الجناس والقافية والتصريع والسجع والتطريز والتقسيم والمقابلة والتقطيع وعدد المقاطع والنبر والتنغيم والتشابيه والاستعارات والرموز.
  • تحليل العمق: لا تبني اللغة تكويناتها ووحداتها من خلال رجوعها إلى أنماط الحقيقة الخارجية، بل من خلال أنظمتها الداخلية الكاملة. فالمفردة داخل الجملة تعمل وتتحرك ليس لأنها تحيل إلى ما هو خارجها (الطلب مثلاً)، إنما لأن موقعها وتصريفاتها الأفقية والعمودية تؤدي إلى إفراز وظائفها وتهيئ لها عملية الدلالة والإحالة، فكلما ابتعدت الدلالة عن الإحالة تعالى النصّ وتكاثفت انزياحيّته الفنية.
  • تحليل سطح الخطاب: لا بدّ لأي دراسة تصبو إلى الشمولية والمنهجية والعلمية من الاعتناء بسطح الخطاب كما تعتني بعمقه، فالواحد يسهم في كشف جمالية الآخر ولا مناص من تحليل الكلّ لأن التجزيء يخلّ بالرؤية الشاملة. يُظهر تحليل السطح الجانب الزخرفي الذي يصقل بنية الشعر ويغذيها بأبنية تسمح باستمرار التوازي لكي يتميز من غيره من أفانين القول التي قسمها جاكبسون ثلاثة أقسام يحتلّ النثر الأدبي موضعاً وسطياً منها بين الشعر ولغة التواصل المعتاد والعملي.

د- أدوات التوازي في الفنّ الشعري:
ثمة نسق من التناسبات المستمرة على مستويات متعددة في مستوى تنظيم وترتيب البنى التركيبية، وفي مستوى تنظيم وترتيب الأشكال والمقولات النحوية، وفي مستوى تنظيم الترادفات المعجمية وتطابقات المعجم التامة، وفي مستوى تنظيم وترتيب الأصوات والهياكل التطريزية وهذا النسق يكسب الأبيات المترابطة بواسطة التوازي انسجاماً واضحاً وتنوعاً كبيراً في الآن نفسه.
ه- أدوات التوازي في فنّ النثر:
بما أن النثر يحتلّ موقعاً وسطياً بين الشعر ولغة التواصل يصعب على الدارس استقصاء المقولات التي تخصّه. والمؤكّد أن التوازي لا يقتصر على الشعر من دون النثر، والمقامات دليل على ذلك. فالتوازي الخفي يحضر بشكل عميق في تشكيل الآثار النثرية تشكيلاً حرّاً.
 

الخاتمة
اهتم جاكبسون كثيراً بالإبلاغية، أو الظروف والشروط الموضوعية التي تكتنف ميلاد خطاب لفظي، مع صدارة المرسل في عملية التواصل ومراعاة المرسل اليه والاهتمام به اهتمامه بالمرسل، كما لم يغفل بنية الرسالة اللفظية. إلى ذلك قدّم بعض العوامل المحيطة التي تكون خارج النصّ وتؤثّر كالفضاء الزمكاني والبيئة اللغوية والمرجع. وأوضح أن البيئة اللغوية تفرض على المتخاطِبَيْن نظامها الصارم معتمدة على مسنّنات لغويّة.
وتختلف الوظيفة باختلاف العامل الذي يركز عليه منتج الخطاب فتصدّر الهرمية وظيفة معينة أو أكثر مع حضور ضئيل للوظائف الأخرى
 

هامش:
∗ - إسم الكتاب ''التواصل اللساني والشعريّة: مقاربة تحليلية لنظرية رومان جاكبسون''، تأليف الطاهر بن حسين بو مزبر، الدار العربية للعلوم، . بيروت 2007

التّوَاصُل اللساني والشعريّة مقاربة تحليلية لنظرية رومان جاكبسون

التّوَاصُل اللساني والشعريّة مقاربة تحليلية لنظرية رومان جاكبسون

 

نعيم عمّار أستاذ في التعليم الثانوي ثانوية عرمون الرسميةالألسنية علم يدرس اللغة من خلال الملاحظة والوصف وصفاً موضوعياً، يعتمد منهجاً علمياً واضحاً، ابتكره فرديناند دي سوسير في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر ولم يلقَ رواجاً كبيراً حتى ثلاثينيات القرن الفائت حين أطلقه تلامذة سوسير فشكّل ثورة في الدراسات اللغوية، وأصبح حاجة ملحة ليس للغويين فحسب إنمّا لكل باحث أدبي. كثر الذين تحدثوا عن وظائف الكلام، مثل: دي سوسير وبوهلر ومارتينه إلا أن رومان جاكبسون يبقى الأشهر على الإطلاق.

عرض الطاهر بو مزبر في كتاب ''التواصل اللساني والشعريّة: مقاربة تحليلية لنظرية رومان جاكبسون''  المنحى العام لتفكير جاكبسون اللساني ولمحة تاريخية عن وظائف الكلام بالإضافة إلى عوامل التواصل اللغوي لينطلق منها إلى الوظائف اللغوية. وفي ما يأتي محاولة لاستقراء أبرز الأفكار التي وردت في الكتاب:

مقدمة الكتاب
تساءل فيها الكاتب عن مدى تجديد جاكبسون وكون تصوّره خاصّاً ناتجاً من تأمّله الشخصي في الخطابات اللفظية أو مستنداً بشكل أساسي إلى جهد أسلافه، وعن إمكان إعادة قراءة إجرائية للنظرية بمنهج ورؤية معاصرين. وأعلن عن اعتماده المنهج الموضوعي وعدم الوقوف أمام التيارات الحداثية الوافدة متسلحاً باعتبارات نفسية وخلفيات ثقافية مسبقة متغنياً بالتراثية فيفرغ البحث من الأحكام الموضوعيّة المبنية على أسس علمية صارمة، لذا سيتجه اهتمامه الى الآليات الفنية التي تساعد على قراءة العمل الفني ذي الطبيعة اللسانية، والممارسة اللفظية من زاوية شموليّة عالية. ويشبّه العلاقات القائمة بين الأنظمة اللسانية بالعلاقات بين الأمم والشعوب فالأكثر نشاطاً في السوق العالمية هي التي تصدر أكبر قدر ممكن من منتجاتها الاقتصادية.
 

الفصل الأول: كيف توجّه جاكبسون إلى ''الشعريات'' ووضع نظرية التواصل؟
اهتم الدرس اللساني باللغة من خلال حقولها المعروفة )التراكيب والصرف والأصوات والدلالة(، أمّا الحقل الأدبي فظل بعيداً عن اللسانيّات غارقاً في الأحكام الذاتية، حتى جاء الأسلوب بوصفه علماً له مادة ومنهج. وكان منحى جاكبسون أدبياً في أول الأمر غير أن الشعرية هي التي قادت جاكبسون إلى اللسانيات. وفي ما يأتي أبرز النقاط التي توضح المنحى
العام لتفكيره اللساني:
- اللسانيات علم يشمل جميع الأنساق والبنيات اللفظية.
- لا بدّ لأيّ رسالة من وظيفة على الأقل، ويصعب إيجاد رسائل تؤدي وظيفة واحدة لا غير.
- تصنيف الوظائف يعتمد على ستّ نقاط: المرسل والمرسل إليه والرسالة والسنن والسياق والقناة.
 

الفصل الثاني: نظرية التواصل عند سوسير وبوهلر
ركّز سوسير على أربعة عناصر شكّلت، بحسب رأيه، الدارة الكلامية، هي: المرسل والمرسل اليه والسنن والرسالة.
أما بوهلر فركز على ثلاثة عناصر، هي: المرسل والمرسل اليه والمرجع (الموضوع) ما ينتج ثلاث وظائف هي على التوالي: الانفعالية والإفهامية والمرجعية وذلك انطلاقاً من التركيز على ضمير المتكلم أو المخاطب أو الغائب. وقد اعتمد جاكبسون على هذه الوظائف ووسّعها إلى ستّ، سترد في الفصل الرابع.
 

الفصل الثالث: عوامل التواصل اللغوي عند رومان جاكبسون
أخذ جاكبسون عن سوسير ظاهرة التقابل قصد توضيح الشيء بما يناظره، وعن بوهلر الوظائف الأساسيّة الثلاث المعتمدة على ثلاثة عوامل وأضاف إليها لتبلغ ستة عوامل،
هي: المرسل والمرسل إليه والرسالة والسنن والسياق والقناة.
 

1- المرسل Destinateur (أو الباثّ l'émetteur أو المخاطب او الناقل أو المتحدث):
مصدر الخطاب المقدم الى المرسل اليه في شكل رسالة، لا غنى عنه ويتمتع عادة بقدرتي الترميز (الإرسال) codage منطوقة أو مكتوبة، والتلقي décodage
 

2- المرسل إليه (le destinateur ) أو المستقبل (le récepteur):
الذي يقابل المرسل ويفكك أجزاء الرسالة. وهو بحسب سوسير المتحدث (ب) من خلال تعقيبه أو إضافته أو تساؤله أو رفضه الرسالة وفي هذه الحالة يتحول المرسل مرسلاً إليه والعكس صحيح.
ويجب التمييز بين مرسل إليه مباشرة إذ لا فارق زمنياً وربّما مكانياً كما يحصل في حوار صحافي مثلاً ومرسل إليه غير مباشر كما في العمل الإبداعي الفني المتميّز بالكفاءة العالية في تحويل المتلقّي إلى مستقبل لخطابه مهما اختلف المرسل والمرسل إليه في الفضاء الزمكاني.
3- الرسالة ( le message)
الجانب الملموس في العملية التخاطبية حيث تتجسّد أفكار المرسل في صور سمعية في الخطاب الشفوي، أو علامات خطية في الرسالة المكتوبة، وربما في إشارات عديدة (إشارات الصم والبكم وإشارات السير...). وهي تمثل محتوى الإرسال وتتمحور حول إطار مرجعي معين وتنسج أبنية. نظامها في ضوء نظام لغوي مقنّن (سننcode)
4- السَّنَن( code) أو اللغة (language ) أو النظام (système ) أو الكفاية (  compétence):
وهو نظام ترميز( un code )، مشترك كليًا أز جزئيًا بين المرسل والمتلقي، ينطلق منه المرسل في الترميز(codage) ويعود المرسل إليه حين يفكك رموز إحدى الرسائل (décodage) بحثاً عن القيمة الإخبارية التي شحنت بها. لذا فنجاح العملية الإخبارية يعتمد على مدى تمكن طرفيّ الحوار من هذا النظام الذي يتفرّع بدوره إلى أنظمة صغرى فيقسم السنن الشمولي أربعة فروع، هي: المسننات الصوتية والمسننات الصرفية والمسننات التركيبية والمسننات الدلالية، تساعد على فصل الجملة النحوية عن الجمل غير النحوية (أو اللاحنة) استناداً إلى الجهاز الداخلي الذهني للمتكلمين عوض الاهتمام بسلوكهم اللفظي، وبذلك يشكّل النظام الذهني عنصراً أساسياً في النشاط اللساني والمرجع الذي يلجأ اليه السلوك اللفظي ليسلم من اللحن.
5- السياق (le contexte )أو المرجع (le référent):
لكلّ رسالة مرجع تحيل عليه وسياق معين مضبوط قيلت ىفيه، ولا تفهم مكوناتها الجزئية أو تفكك رموزها السننية إلاّ بالإحالة على الملابسات التي أنجزت فيها هذه الرسالة.
وقد يكون لفظياً أو غير لفظي يمثل المحيط الذي ولدت فيه هذه الرسالة وتشكّلت أبنية خطابها اللفظي فيتضمن الموقعSite  أو الإطار الزمكاني والهدف (l'objectif)  والمشاركين في العملية التواصلية  (les participants ) من حيث عددهم ومميزاتهم وعلاقاتهم.
أنماط المراجع (السياقات) الأساسية:
١ - الموجودات مع تعبيرها اللغوي أي الاسم
٢-  الأحداث المعبّر عنها بواسطة الفعل
٣ - كيفيات الوجود والحدوث المعبّر عنها بواسطة الصفة والحال.
٤ - فضاء الأحداث والموجودات المعبّر عنها بواسطة الظروف الزمكانية والحروف التي تساعد على ''موقعة'' الأحداث.
 6- القناة (le canal )
هي الممر الفيزيولوجي بين المرسل والمرسل اليه الذي يسمح بانتقال الرسالة (سواء عبر النطق أو الكتابة أو سوى ذلك).
ويمكننا أن نوجز هذه العوامل الستة بالمخطط الآتي:


الفصل الرابع: الوظائف اللغوية عند رومان جاكبسون
هَدَفَ تحليل العوامل الستة السابقة إلى التوصل إلى الوظائف التي تنتجها:

١ الوظيفة التعبيرية( La fonction expressive)
أو الانفعالية ( Emotive) تركز على المرسل إذ تعبّر ، بصفة مباشرة عن موقف المتكلم حيال ما يتحدث عنه، وتنزع إلى تقديم انطباع عن انفعال معيّن صادق أو كاذب. يتجلى باعتماد آليتين: الأولى دلالية صرفة كصيغة التعجب والاستغاثة والندبة الخ ... حين يكون الخطاب مكتوباً.
أما في الخطاب المنطوق فإلى هذه الآلية ثمة آلية ثانية فيزيولوجية تعتمد النبر والتفخيم والترقيق والجهر والهمس وارتفاع الصوت وانحداره.
تهيمن هذه الوظيفة من الناحية الأسلوبية عندما يحتلّ الكاتب أو الناظم المكانة المركزية في النصّ ويسعى الى التعبير عن أفكاره ومشاعره كما في أدب السيرة أو في الشعر الغزلي فيسيطر ضمير المتكلم وأدوات تركيبية خاصة يتصدرها التعجب.
 

٢ الوظيفة الافهامية ( La fonction cognitive)
  أو التأثيرية impressive ويحمل المصطلح الثاني دلالة عاطفية في حين أن الأول ينطلق من وجهة نظر عقلية. تهيمن في الادب الملتزم والروايات العاطفية اذ تكثر مخاطبة الآخر ومحاولة التأثير عليه وإقناعه أو إثارته.
 

المميزات الأسلوبية للخطاب ذي الطابع الافهامي:
أ- التأثير: الحدث اللساني رباط بين الباثّ والمتقبّل يضفي اليه الأول بصماته التأثيرية التي تعتمد على معادلة ''المفاجأة والتشبّع''.
- المفاجأة: تولد غير المنتظر من المنتظر أي إخراج المفاجئ من الأمور المعقولة العادية التي لا تلفت نظر القارئ أو السامع إلا بدخولها ضمن هذا النسق الأسلوبي المفاجئ المميز ولا تتشكل المفاجأة إلا إذا توافرت العناصر المتضادة فتتناغم وتتكامل: أي مبدأ تكامل الاضداد. والمفاجأة نبضات انفعالية عالية في عمق الخطاب الساكن.
- التشبع: عملية تكرارية كلما كثرت تنازلت حدة التأثير. تهتّز النفس للمفاجأة بفضل شحنتها التأثيرية العالية لكونها غير منتظرة بينما الشحنات المتكررة بشكل متواتر تحدث تشبعاً في نفس المستقبل فتضعف استجابته لارتداداتها.
ب- الإقناع: بتوظيف الحجج المنطقية التي لا تكتسي صيغة الإكراه ولا تُدرج على منهج القمع، وإنمَا تسلك سبلاً استدلالية تجرّ الغير جراً إلى الإقناع.
ج- الإمتاع: تهدف الرسالة الإمتاعية إلى إدخال النشوة في نفس المستقبل فينطفئ المنطق العقلاني وتحلّ محله نفثات الارتياح الوجداني في محاولات لاسترضاء وجدان المتلقّي وعاطفته.
د- الإثارة: عامل استفزاز يحرّك في المتلقّي نوازع ردود فعل. لا تجتمع جميع المميزات في خطاب واحد، فالخطاب الشعري غير العلمي والسياسي غير التجاري، الخ...
وبالرغم من اختلاف الرسائل فهي تركّز على المرسل إليه كما يظهر المخطط الآتي:

٣ الوظيفة الانتباهية( la fonction phatique)
توظّف لإثارة انتباه المخاطب أو التأكد من استمرار جهوزيته للاستقبال، مثل: ''قل، أتسمعني؟'' أو ''إستمع إليّ!'' ومن الجانب الآخر من الخطّ ''هِمْ هِمْ'' أو ''إم إم'' أو ''أي أي''. إذ تنسحب العملية التواصلية قليلاً من دائرة الرسالة للتأكّد من ممرّها، لذا اشترك الباثّ والمتقبّل في صنع هذه الوظيفة.

 ٤ الوظيفة المرجعية (la fonction référentielle )
أو المعرفيّة ( cognitive) أو الإيحائية ( démotive ) حين  تتجه الرسالة إلى السياق وتركّز عليه. فدور اللغة أن تحيلنا على أشياء وموجودات نتحدث عنها بالرمز إليها، إذ اللغة رموز معبّرة عن أشياء.
 

٥ وظيفة ما وراء اللغة (La fonction métalinguistique )
تستعمل حين يشعر المتخاطبان بالحاجة إلى التأكد من الاستعمال الصحيح للسنن (الشيفرة) الذي يوظفان رموزه في التخاطب فيكون الخطاب مركّزاً عليه لأنه يشغل وظيفة ميتالسانية (أو وظيفة شرح) أو ميتالغوية فيتساءل المستمع:إنني لا أفهمك، ما الذي تريد قوله؟ أو: ما تقول؟ ويسبق المتكلم مثل هذه الأسئلة فيسأل: ''أتفهم ما أريد قوله؟'' أو يقول: أريد أن أقول، أو: أقصد ... أي الكلام عن الكلام (لا الكلام عن الأشياء).
 

٦ الوظيفة الشعرية ( la fonction poétique )
أ الشعرية: الوظيفة التي تركّز على الرسالة. وتفرض هيمنتها على فنّ الشعر باعتباره رسالة لفظية وعملاً إبداعياً تتدخل فيه ذاتية المبدع لتنسج أبنيتها داخل نظام لساني معين، وتظهر في الرسائل اللغوية الأخرى وغير اللغوية كما في الفنون (الرسم، الموسيقى، المسرح...).
ب-أنواع الشعريات:
- الشعريات العامة: تتولّى الدراسة الآلية للخطاب تزامنياً بين الأجناس الأدبية لمعرفة ميزاته بغية معرفة وظائفه.
- الشعريات التاريخية: تهتمّ بتحوّل المقولات الأدبية وقوانينها من خلال التركيز على الأجناس الأدبية كلّها.
ج- أدوات الشعريات:
يستخدمها منجز الرسالة قصداً أو عفواً غير أنه يجعلنا نتذوق وقع بنية خطابه، أهمها:

  • التوازي: يتضمن مجموعة أدوات شعرية تكرارية، منها: الجناس والقافية والتصريع والسجع والتطريز والتقسيم والمقابلة والتقطيع وعدد المقاطع والنبر والتنغيم والتشابيه والاستعارات والرموز.
  • تحليل العمق: لا تبني اللغة تكويناتها ووحداتها من خلال رجوعها إلى أنماط الحقيقة الخارجية، بل من خلال أنظمتها الداخلية الكاملة. فالمفردة داخل الجملة تعمل وتتحرك ليس لأنها تحيل إلى ما هو خارجها (الطلب مثلاً)، إنما لأن موقعها وتصريفاتها الأفقية والعمودية تؤدي إلى إفراز وظائفها وتهيئ لها عملية الدلالة والإحالة، فكلما ابتعدت الدلالة عن الإحالة تعالى النصّ وتكاثفت انزياحيّته الفنية.
  • تحليل سطح الخطاب: لا بدّ لأي دراسة تصبو إلى الشمولية والمنهجية والعلمية من الاعتناء بسطح الخطاب كما تعتني بعمقه، فالواحد يسهم في كشف جمالية الآخر ولا مناص من تحليل الكلّ لأن التجزيء يخلّ بالرؤية الشاملة. يُظهر تحليل السطح الجانب الزخرفي الذي يصقل بنية الشعر ويغذيها بأبنية تسمح باستمرار التوازي لكي يتميز من غيره من أفانين القول التي قسمها جاكبسون ثلاثة أقسام يحتلّ النثر الأدبي موضعاً وسطياً منها بين الشعر ولغة التواصل المعتاد والعملي.

د- أدوات التوازي في الفنّ الشعري:
ثمة نسق من التناسبات المستمرة على مستويات متعددة في مستوى تنظيم وترتيب البنى التركيبية، وفي مستوى تنظيم وترتيب الأشكال والمقولات النحوية، وفي مستوى تنظيم الترادفات المعجمية وتطابقات المعجم التامة، وفي مستوى تنظيم وترتيب الأصوات والهياكل التطريزية وهذا النسق يكسب الأبيات المترابطة بواسطة التوازي انسجاماً واضحاً وتنوعاً كبيراً في الآن نفسه.
ه- أدوات التوازي في فنّ النثر:
بما أن النثر يحتلّ موقعاً وسطياً بين الشعر ولغة التواصل يصعب على الدارس استقصاء المقولات التي تخصّه. والمؤكّد أن التوازي لا يقتصر على الشعر من دون النثر، والمقامات دليل على ذلك. فالتوازي الخفي يحضر بشكل عميق في تشكيل الآثار النثرية تشكيلاً حرّاً.
 

الخاتمة
اهتم جاكبسون كثيراً بالإبلاغية، أو الظروف والشروط الموضوعية التي تكتنف ميلاد خطاب لفظي، مع صدارة المرسل في عملية التواصل ومراعاة المرسل اليه والاهتمام به اهتمامه بالمرسل، كما لم يغفل بنية الرسالة اللفظية. إلى ذلك قدّم بعض العوامل المحيطة التي تكون خارج النصّ وتؤثّر كالفضاء الزمكاني والبيئة اللغوية والمرجع. وأوضح أن البيئة اللغوية تفرض على المتخاطِبَيْن نظامها الصارم معتمدة على مسنّنات لغويّة.
وتختلف الوظيفة باختلاف العامل الذي يركز عليه منتج الخطاب فتصدّر الهرمية وظيفة معينة أو أكثر مع حضور ضئيل للوظائف الأخرى
 

هامش:
∗ - إسم الكتاب ''التواصل اللساني والشعريّة: مقاربة تحليلية لنظرية رومان جاكبسون''، تأليف الطاهر بن حسين بو مزبر، الدار العربية للعلوم، . بيروت 2007

التّوَاصُل اللساني والشعريّة مقاربة تحليلية لنظرية رومان جاكبسون

التّوَاصُل اللساني والشعريّة مقاربة تحليلية لنظرية رومان جاكبسون

 

نعيم عمّار أستاذ في التعليم الثانوي ثانوية عرمون الرسميةالألسنية علم يدرس اللغة من خلال الملاحظة والوصف وصفاً موضوعياً، يعتمد منهجاً علمياً واضحاً، ابتكره فرديناند دي سوسير في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر ولم يلقَ رواجاً كبيراً حتى ثلاثينيات القرن الفائت حين أطلقه تلامذة سوسير فشكّل ثورة في الدراسات اللغوية، وأصبح حاجة ملحة ليس للغويين فحسب إنمّا لكل باحث أدبي. كثر الذين تحدثوا عن وظائف الكلام، مثل: دي سوسير وبوهلر ومارتينه إلا أن رومان جاكبسون يبقى الأشهر على الإطلاق.

عرض الطاهر بو مزبر في كتاب ''التواصل اللساني والشعريّة: مقاربة تحليلية لنظرية رومان جاكبسون''  المنحى العام لتفكير جاكبسون اللساني ولمحة تاريخية عن وظائف الكلام بالإضافة إلى عوامل التواصل اللغوي لينطلق منها إلى الوظائف اللغوية. وفي ما يأتي محاولة لاستقراء أبرز الأفكار التي وردت في الكتاب:

مقدمة الكتاب
تساءل فيها الكاتب عن مدى تجديد جاكبسون وكون تصوّره خاصّاً ناتجاً من تأمّله الشخصي في الخطابات اللفظية أو مستنداً بشكل أساسي إلى جهد أسلافه، وعن إمكان إعادة قراءة إجرائية للنظرية بمنهج ورؤية معاصرين. وأعلن عن اعتماده المنهج الموضوعي وعدم الوقوف أمام التيارات الحداثية الوافدة متسلحاً باعتبارات نفسية وخلفيات ثقافية مسبقة متغنياً بالتراثية فيفرغ البحث من الأحكام الموضوعيّة المبنية على أسس علمية صارمة، لذا سيتجه اهتمامه الى الآليات الفنية التي تساعد على قراءة العمل الفني ذي الطبيعة اللسانية، والممارسة اللفظية من زاوية شموليّة عالية. ويشبّه العلاقات القائمة بين الأنظمة اللسانية بالعلاقات بين الأمم والشعوب فالأكثر نشاطاً في السوق العالمية هي التي تصدر أكبر قدر ممكن من منتجاتها الاقتصادية.
 

الفصل الأول: كيف توجّه جاكبسون إلى ''الشعريات'' ووضع نظرية التواصل؟
اهتم الدرس اللساني باللغة من خلال حقولها المعروفة )التراكيب والصرف والأصوات والدلالة(، أمّا الحقل الأدبي فظل بعيداً عن اللسانيّات غارقاً في الأحكام الذاتية، حتى جاء الأسلوب بوصفه علماً له مادة ومنهج. وكان منحى جاكبسون أدبياً في أول الأمر غير أن الشعرية هي التي قادت جاكبسون إلى اللسانيات. وفي ما يأتي أبرز النقاط التي توضح المنحى
العام لتفكيره اللساني:
- اللسانيات علم يشمل جميع الأنساق والبنيات اللفظية.
- لا بدّ لأيّ رسالة من وظيفة على الأقل، ويصعب إيجاد رسائل تؤدي وظيفة واحدة لا غير.
- تصنيف الوظائف يعتمد على ستّ نقاط: المرسل والمرسل إليه والرسالة والسنن والسياق والقناة.
 

الفصل الثاني: نظرية التواصل عند سوسير وبوهلر
ركّز سوسير على أربعة عناصر شكّلت، بحسب رأيه، الدارة الكلامية، هي: المرسل والمرسل اليه والسنن والرسالة.
أما بوهلر فركز على ثلاثة عناصر، هي: المرسل والمرسل اليه والمرجع (الموضوع) ما ينتج ثلاث وظائف هي على التوالي: الانفعالية والإفهامية والمرجعية وذلك انطلاقاً من التركيز على ضمير المتكلم أو المخاطب أو الغائب. وقد اعتمد جاكبسون على هذه الوظائف ووسّعها إلى ستّ، سترد في الفصل الرابع.
 

الفصل الثالث: عوامل التواصل اللغوي عند رومان جاكبسون
أخذ جاكبسون عن سوسير ظاهرة التقابل قصد توضيح الشيء بما يناظره، وعن بوهلر الوظائف الأساسيّة الثلاث المعتمدة على ثلاثة عوامل وأضاف إليها لتبلغ ستة عوامل،
هي: المرسل والمرسل إليه والرسالة والسنن والسياق والقناة.
 

1- المرسل Destinateur (أو الباثّ l'émetteur أو المخاطب او الناقل أو المتحدث):
مصدر الخطاب المقدم الى المرسل اليه في شكل رسالة، لا غنى عنه ويتمتع عادة بقدرتي الترميز (الإرسال) codage منطوقة أو مكتوبة، والتلقي décodage
 

2- المرسل إليه (le destinateur ) أو المستقبل (le récepteur):
الذي يقابل المرسل ويفكك أجزاء الرسالة. وهو بحسب سوسير المتحدث (ب) من خلال تعقيبه أو إضافته أو تساؤله أو رفضه الرسالة وفي هذه الحالة يتحول المرسل مرسلاً إليه والعكس صحيح.
ويجب التمييز بين مرسل إليه مباشرة إذ لا فارق زمنياً وربّما مكانياً كما يحصل في حوار صحافي مثلاً ومرسل إليه غير مباشر كما في العمل الإبداعي الفني المتميّز بالكفاءة العالية في تحويل المتلقّي إلى مستقبل لخطابه مهما اختلف المرسل والمرسل إليه في الفضاء الزمكاني.
3- الرسالة ( le message)
الجانب الملموس في العملية التخاطبية حيث تتجسّد أفكار المرسل في صور سمعية في الخطاب الشفوي، أو علامات خطية في الرسالة المكتوبة، وربما في إشارات عديدة (إشارات الصم والبكم وإشارات السير...). وهي تمثل محتوى الإرسال وتتمحور حول إطار مرجعي معين وتنسج أبنية. نظامها في ضوء نظام لغوي مقنّن (سننcode)
4- السَّنَن( code) أو اللغة (language ) أو النظام (système ) أو الكفاية (  compétence):
وهو نظام ترميز( un code )، مشترك كليًا أز جزئيًا بين المرسل والمتلقي، ينطلق منه المرسل في الترميز(codage) ويعود المرسل إليه حين يفكك رموز إحدى الرسائل (décodage) بحثاً عن القيمة الإخبارية التي شحنت بها. لذا فنجاح العملية الإخبارية يعتمد على مدى تمكن طرفيّ الحوار من هذا النظام الذي يتفرّع بدوره إلى أنظمة صغرى فيقسم السنن الشمولي أربعة فروع، هي: المسننات الصوتية والمسننات الصرفية والمسننات التركيبية والمسننات الدلالية، تساعد على فصل الجملة النحوية عن الجمل غير النحوية (أو اللاحنة) استناداً إلى الجهاز الداخلي الذهني للمتكلمين عوض الاهتمام بسلوكهم اللفظي، وبذلك يشكّل النظام الذهني عنصراً أساسياً في النشاط اللساني والمرجع الذي يلجأ اليه السلوك اللفظي ليسلم من اللحن.
5- السياق (le contexte )أو المرجع (le référent):
لكلّ رسالة مرجع تحيل عليه وسياق معين مضبوط قيلت ىفيه، ولا تفهم مكوناتها الجزئية أو تفكك رموزها السننية إلاّ بالإحالة على الملابسات التي أنجزت فيها هذه الرسالة.
وقد يكون لفظياً أو غير لفظي يمثل المحيط الذي ولدت فيه هذه الرسالة وتشكّلت أبنية خطابها اللفظي فيتضمن الموقعSite  أو الإطار الزمكاني والهدف (l'objectif)  والمشاركين في العملية التواصلية  (les participants ) من حيث عددهم ومميزاتهم وعلاقاتهم.
أنماط المراجع (السياقات) الأساسية:
١ - الموجودات مع تعبيرها اللغوي أي الاسم
٢-  الأحداث المعبّر عنها بواسطة الفعل
٣ - كيفيات الوجود والحدوث المعبّر عنها بواسطة الصفة والحال.
٤ - فضاء الأحداث والموجودات المعبّر عنها بواسطة الظروف الزمكانية والحروف التي تساعد على ''موقعة'' الأحداث.
 6- القناة (le canal )
هي الممر الفيزيولوجي بين المرسل والمرسل اليه الذي يسمح بانتقال الرسالة (سواء عبر النطق أو الكتابة أو سوى ذلك).
ويمكننا أن نوجز هذه العوامل الستة بالمخطط الآتي:


الفصل الرابع: الوظائف اللغوية عند رومان جاكبسون
هَدَفَ تحليل العوامل الستة السابقة إلى التوصل إلى الوظائف التي تنتجها:

١ الوظيفة التعبيرية( La fonction expressive)
أو الانفعالية ( Emotive) تركز على المرسل إذ تعبّر ، بصفة مباشرة عن موقف المتكلم حيال ما يتحدث عنه، وتنزع إلى تقديم انطباع عن انفعال معيّن صادق أو كاذب. يتجلى باعتماد آليتين: الأولى دلالية صرفة كصيغة التعجب والاستغاثة والندبة الخ ... حين يكون الخطاب مكتوباً.
أما في الخطاب المنطوق فإلى هذه الآلية ثمة آلية ثانية فيزيولوجية تعتمد النبر والتفخيم والترقيق والجهر والهمس وارتفاع الصوت وانحداره.
تهيمن هذه الوظيفة من الناحية الأسلوبية عندما يحتلّ الكاتب أو الناظم المكانة المركزية في النصّ ويسعى الى التعبير عن أفكاره ومشاعره كما في أدب السيرة أو في الشعر الغزلي فيسيطر ضمير المتكلم وأدوات تركيبية خاصة يتصدرها التعجب.
 

٢ الوظيفة الافهامية ( La fonction cognitive)
  أو التأثيرية impressive ويحمل المصطلح الثاني دلالة عاطفية في حين أن الأول ينطلق من وجهة نظر عقلية. تهيمن في الادب الملتزم والروايات العاطفية اذ تكثر مخاطبة الآخر ومحاولة التأثير عليه وإقناعه أو إثارته.
 

المميزات الأسلوبية للخطاب ذي الطابع الافهامي:
أ- التأثير: الحدث اللساني رباط بين الباثّ والمتقبّل يضفي اليه الأول بصماته التأثيرية التي تعتمد على معادلة ''المفاجأة والتشبّع''.
- المفاجأة: تولد غير المنتظر من المنتظر أي إخراج المفاجئ من الأمور المعقولة العادية التي لا تلفت نظر القارئ أو السامع إلا بدخولها ضمن هذا النسق الأسلوبي المفاجئ المميز ولا تتشكل المفاجأة إلا إذا توافرت العناصر المتضادة فتتناغم وتتكامل: أي مبدأ تكامل الاضداد. والمفاجأة نبضات انفعالية عالية في عمق الخطاب الساكن.
- التشبع: عملية تكرارية كلما كثرت تنازلت حدة التأثير. تهتّز النفس للمفاجأة بفضل شحنتها التأثيرية العالية لكونها غير منتظرة بينما الشحنات المتكررة بشكل متواتر تحدث تشبعاً في نفس المستقبل فتضعف استجابته لارتداداتها.
ب- الإقناع: بتوظيف الحجج المنطقية التي لا تكتسي صيغة الإكراه ولا تُدرج على منهج القمع، وإنمَا تسلك سبلاً استدلالية تجرّ الغير جراً إلى الإقناع.
ج- الإمتاع: تهدف الرسالة الإمتاعية إلى إدخال النشوة في نفس المستقبل فينطفئ المنطق العقلاني وتحلّ محله نفثات الارتياح الوجداني في محاولات لاسترضاء وجدان المتلقّي وعاطفته.
د- الإثارة: عامل استفزاز يحرّك في المتلقّي نوازع ردود فعل. لا تجتمع جميع المميزات في خطاب واحد، فالخطاب الشعري غير العلمي والسياسي غير التجاري، الخ...
وبالرغم من اختلاف الرسائل فهي تركّز على المرسل إليه كما يظهر المخطط الآتي:

٣ الوظيفة الانتباهية( la fonction phatique)
توظّف لإثارة انتباه المخاطب أو التأكد من استمرار جهوزيته للاستقبال، مثل: ''قل، أتسمعني؟'' أو ''إستمع إليّ!'' ومن الجانب الآخر من الخطّ ''هِمْ هِمْ'' أو ''إم إم'' أو ''أي أي''. إذ تنسحب العملية التواصلية قليلاً من دائرة الرسالة للتأكّد من ممرّها، لذا اشترك الباثّ والمتقبّل في صنع هذه الوظيفة.

 ٤ الوظيفة المرجعية (la fonction référentielle )
أو المعرفيّة ( cognitive) أو الإيحائية ( démotive ) حين  تتجه الرسالة إلى السياق وتركّز عليه. فدور اللغة أن تحيلنا على أشياء وموجودات نتحدث عنها بالرمز إليها، إذ اللغة رموز معبّرة عن أشياء.
 

٥ وظيفة ما وراء اللغة (La fonction métalinguistique )
تستعمل حين يشعر المتخاطبان بالحاجة إلى التأكد من الاستعمال الصحيح للسنن (الشيفرة) الذي يوظفان رموزه في التخاطب فيكون الخطاب مركّزاً عليه لأنه يشغل وظيفة ميتالسانية (أو وظيفة شرح) أو ميتالغوية فيتساءل المستمع:إنني لا أفهمك، ما الذي تريد قوله؟ أو: ما تقول؟ ويسبق المتكلم مثل هذه الأسئلة فيسأل: ''أتفهم ما أريد قوله؟'' أو يقول: أريد أن أقول، أو: أقصد ... أي الكلام عن الكلام (لا الكلام عن الأشياء).
 

٦ الوظيفة الشعرية ( la fonction poétique )
أ الشعرية: الوظيفة التي تركّز على الرسالة. وتفرض هيمنتها على فنّ الشعر باعتباره رسالة لفظية وعملاً إبداعياً تتدخل فيه ذاتية المبدع لتنسج أبنيتها داخل نظام لساني معين، وتظهر في الرسائل اللغوية الأخرى وغير اللغوية كما في الفنون (الرسم، الموسيقى، المسرح...).
ب-أنواع الشعريات:
- الشعريات العامة: تتولّى الدراسة الآلية للخطاب تزامنياً بين الأجناس الأدبية لمعرفة ميزاته بغية معرفة وظائفه.
- الشعريات التاريخية: تهتمّ بتحوّل المقولات الأدبية وقوانينها من خلال التركيز على الأجناس الأدبية كلّها.
ج- أدوات الشعريات:
يستخدمها منجز الرسالة قصداً أو عفواً غير أنه يجعلنا نتذوق وقع بنية خطابه، أهمها:

  • التوازي: يتضمن مجموعة أدوات شعرية تكرارية، منها: الجناس والقافية والتصريع والسجع والتطريز والتقسيم والمقابلة والتقطيع وعدد المقاطع والنبر والتنغيم والتشابيه والاستعارات والرموز.
  • تحليل العمق: لا تبني اللغة تكويناتها ووحداتها من خلال رجوعها إلى أنماط الحقيقة الخارجية، بل من خلال أنظمتها الداخلية الكاملة. فالمفردة داخل الجملة تعمل وتتحرك ليس لأنها تحيل إلى ما هو خارجها (الطلب مثلاً)، إنما لأن موقعها وتصريفاتها الأفقية والعمودية تؤدي إلى إفراز وظائفها وتهيئ لها عملية الدلالة والإحالة، فكلما ابتعدت الدلالة عن الإحالة تعالى النصّ وتكاثفت انزياحيّته الفنية.
  • تحليل سطح الخطاب: لا بدّ لأي دراسة تصبو إلى الشمولية والمنهجية والعلمية من الاعتناء بسطح الخطاب كما تعتني بعمقه، فالواحد يسهم في كشف جمالية الآخر ولا مناص من تحليل الكلّ لأن التجزيء يخلّ بالرؤية الشاملة. يُظهر تحليل السطح الجانب الزخرفي الذي يصقل بنية الشعر ويغذيها بأبنية تسمح باستمرار التوازي لكي يتميز من غيره من أفانين القول التي قسمها جاكبسون ثلاثة أقسام يحتلّ النثر الأدبي موضعاً وسطياً منها بين الشعر ولغة التواصل المعتاد والعملي.

د- أدوات التوازي في الفنّ الشعري:
ثمة نسق من التناسبات المستمرة على مستويات متعددة في مستوى تنظيم وترتيب البنى التركيبية، وفي مستوى تنظيم وترتيب الأشكال والمقولات النحوية، وفي مستوى تنظيم الترادفات المعجمية وتطابقات المعجم التامة، وفي مستوى تنظيم وترتيب الأصوات والهياكل التطريزية وهذا النسق يكسب الأبيات المترابطة بواسطة التوازي انسجاماً واضحاً وتنوعاً كبيراً في الآن نفسه.
ه- أدوات التوازي في فنّ النثر:
بما أن النثر يحتلّ موقعاً وسطياً بين الشعر ولغة التواصل يصعب على الدارس استقصاء المقولات التي تخصّه. والمؤكّد أن التوازي لا يقتصر على الشعر من دون النثر، والمقامات دليل على ذلك. فالتوازي الخفي يحضر بشكل عميق في تشكيل الآثار النثرية تشكيلاً حرّاً.
 

الخاتمة
اهتم جاكبسون كثيراً بالإبلاغية، أو الظروف والشروط الموضوعية التي تكتنف ميلاد خطاب لفظي، مع صدارة المرسل في عملية التواصل ومراعاة المرسل اليه والاهتمام به اهتمامه بالمرسل، كما لم يغفل بنية الرسالة اللفظية. إلى ذلك قدّم بعض العوامل المحيطة التي تكون خارج النصّ وتؤثّر كالفضاء الزمكاني والبيئة اللغوية والمرجع. وأوضح أن البيئة اللغوية تفرض على المتخاطِبَيْن نظامها الصارم معتمدة على مسنّنات لغويّة.
وتختلف الوظيفة باختلاف العامل الذي يركز عليه منتج الخطاب فتصدّر الهرمية وظيفة معينة أو أكثر مع حضور ضئيل للوظائف الأخرى
 

هامش:
∗ - إسم الكتاب ''التواصل اللساني والشعريّة: مقاربة تحليلية لنظرية رومان جاكبسون''، تأليف الطاهر بن حسين بو مزبر، الدار العربية للعلوم، . بيروت 2007