بطاقة تقنيّة في مادّة اللّغة العربيّة وآدابها

بطاقة تقنيّة في مادّة اللّغة العربيّة وآدابها

"ليت للبرّاق عينًا"- للشّاعرة ليلى بنت لُكَيز

مَليحَةُ الهُدُبِ المُنكَسِرِ

 

السّنة : الأولى الثانويّة

الأهداف التعلّميّة:

1- التّعريف بالشّعر الوجداني وتبيان دور الحقل المعجمي في إبراز خصائصه.

2- تحليل نفسيّة الشاعرة في ما يخصّ الشّكوى من ظلم الحاكم وجَوْر الزمن.

المدّة : حصّة دراسيّة واحدة.

الوسائل التعلّميّة:  نصّ قصيدة "ليت للبرّاق عينًا" للشاعرة ليلى بنت لُكَيز الملقّبة بالعفيفة.

 

لَيْتَ لِلبرَّاقِ عَيْنًا فَتَرى                                         ما أُلاقي من بَلاءٍ وَعنَا

يا كُلَيبًا وَعَقيلاً إِخْوَتي                                          يا جُنيْدَ أَسَْعِدوني بالبُكا

عُذّبَِتْ أُخْتُكُم يا وَيْلَكُمْ                                           بِعَذابِ الفِكْرِ صُبحًا وَمَسا

غَلَّلوني قَيَّدوني ضَرَبوا                                        جِسْمِيَ النَّاحِلَ ضَرْبًا بِالعَصا

يَكْذِب الأَعْجُمُ ما يَقْرُبُني                                       وَمَعي بَعْضُ حَشاشاتِ الحَيا

فَأَنا كارِهةٌ بَغْيَكُْم                                              وَيَقيْني المَْوَتَ شَيءٌ يُرتَجى

يا بَني تَغْلِبَ سيْروا وانصُروا                                 وذَروا الْغَفْلَةَ عَنكُمْ وَالكَرى

وَذَروا العارَ على أَعْقابِكُْم                                      وَعَليكُم ما بَقِيتُمْ في الدّنُى

 

1- القراءة الصّامتة :

يتبعها حوار قصير:

 - للتأكّد من أنّ المتعلّم/ة قد قرأ النّص (يطرح المعلّم أسئلة على المتعلّمين ويدوّن على دفتره إشارات مشاركة + - ... ).

 - للتّحفيز على الاهتمام بالنّص ومضمونه.

 

2- القراءة الجهريّة:

 - من المستحسن أن يقرأ المعلّم/ة النّص في المرّة الأولى ليركّز على صحّة القراءة (الحركات الإعرابيّة، علامات الوقف، الصّوت الواضح، مخارج الحروف، النّبر والتّنغيم، وتمثيل المعنى...).

-  القراءة الجهريّة للتّلامذة: ينتقي المعلّم/ة التّلامذة بشكل غير متسلسل ثمّ يطرح عليهم أسئلة في الفهم والدّلالات ممهّدًا لذلك بفكرة عامّة حول موضوع القصيدة من خلال التّعريف بصاحبتها: الشّاعرة ليلى العفيفة بنت لُكَيز بن مرّة من قبيلة رَبِيعَةَ، وهي شاعرة جاهليّة، كانت من أَمْلَح بنات العرب وأجمَلهنّ خصالاً. تقدّمَ لخطبتها الكثير من أسياد القبائل العربيّة فأبت عليهم وآثرت البقاء في قبيلتها ربيعة. وقد ذاع خبر جمالها وعفّتها وأخلاقها الحميدة فوصل إلى “ كِسْرى “ ملك الفرس فرغب فيها، ورغبت هي عنه، فحاول إغراءها بالحُلل والحُلى والمطعم والمشرب فكانت المحاولة دون بلوغ الحَول، لأنّ قلب ليلى خفّاق بحبّ ابن عمّها البرّاق حسبها أن تقول وهي في أسر قصر “ كِسْرى “ ما يوجع ويلوّع. فسار قولها سيرورته المستحبّة، ليلى ذات العينيَن المعسولَتين المغسولَتين تتأنّى وهي تقول ما تتمنّى.

 

٣- يطرح المعلّم/ة على التّلامذة السؤال الآتي ويعطيهم مدّة عشر دقائق لتحضيره في الصّف: عرّفِ الشّعر الوجداني وبيّنِ دور الحقل المعجمي الوارد في القصيدة في إبراز خصائصه.

  • يطلب المعلّم/ة إلى بعض التّلامذة قراءة ما حضّروه ويضع إشارات مشاركة.
  • يعطي المعلّم/ة الإجابة ويطلب إلى التّلامذة كتابتها على دفاترهم الخاصّة:

أ - التّعريف بالشعر الوجداني:

الشّعر الوجداني هو الشّعر الذي لا يتحدّث فيه الشّاعر إلاّ عن نفسه، ولا يتحدّث إلاّ بواقعه الخاص.

إنّه موغلٌ في الذاتيّة، ينبعثُ من القلب ليتوجّه إلى القلب، ولا يكون الدّافع إليه شخصيّة الشّاعر، وإنّما شعور داخلي وحاجة نفسيّة إلى التّعبيرعمّا يعتري النفس من انفعالات وتأثّرُات أمام أحداث الحياة. يَنظمه صاحبه، ليكون مؤاساة له، ويصدر عنه صدورًا عفويّاً طبيعيّاً، كما يفوح العطر من الزَّهرة، وكما ينبعث النّور من الشّمس.

فالشّعر الوجداني قائم في أصالة الشّاعر وطبيعته لا يستطيع أن يكتبه أو يكتمه، إنّما يحسّ بجرح أو ضيق، إن لم يبح بهما. هل تستطيع الزهرة يومًا أن تكتم على الناس عطرها، وهل تستطيع الشّمس أن تحجب عنهم نورها ؟ كذلك الشّاعر الوجداني لا يستطيع إلاّ أن يبوح بما يحتاج وجدانه.

ب - دور الحقل المعجميّ الوارد في القصيدة في إبراز خصائص الشّعر الوجداني:

تُبرز الحقول المعجميّة، المشار تحتها بخطّ، خصائص الشّعر الوجداني بحيث تطالعنا الشّاعرة في القسم الأوّل من القصيدة بوصف ما تجد في نفسها من حسرة على حبيب تحمل همّه وهمّها معًا فتناجيه: ليت للبرّاق عينًا فترى ما ألاقي من عذاب وضنا إنّها امرأة أُبْعِدَت قسرًا عن إخوتها فتستغيث بهم طالبة إليهم إسعادها بالبكاء: أسعدوني بالبكا.

لقد عُذّبِت: عُذّبِت أُخْتُكُم                غُلّلِت وقُيّ دِت وضُرِبَت:

غلّلوني-  قيّدوني- ضربوا جسمي النّاحل ضربًا بالعصا

وبقيت في أسر ملك الفرس تنطوي على ألم وحنين، تنتظر عودتها إلى حبيبها "البرّاق" ابن عمّها، في كلّ يوم، وفي كل يوم يخيب أملها. فتذرف الدّمع سخيّاً. ويزيد في لوعتها أنّها لا تجد في محنتها امرءًا يواسيها. في قلبها حُرُق تضطرم فتحاول بالصّبر إخمادها إلاّ أنّ الهموم لا تلبث أن تعود بها إلى الاشتعال فتتمنّى الموت خلاصًا لعذاباتها:ويقيني الموت شيءٌ يُرتجى.

مسكينة هي لا يهدأ قلقها، وإذا اطمأنّت أو هدأت عنّت لها ذكرى حبيبها فعاد إليها القلق من جديد. فتخاطب قومها بلهجة العتاب المحبّ وتدعوهم إلى نصرتها ومسح غبار الذّل والعار عنها:

يا بَني تَغْلِبَ سيروا وانصُروا              وذَروا اْلغَفْلَةَ عَنْكُمْ وَالكَرى

وذَروا العارَ على أَعقابِكُْم                   وَعَلَيْكُمْ ما بَقِيتُمْ في الدّنُى

 

وهكذا نجد أنّ الحقل المعجمي قد أسهم في إبراز خصائص الشّعر الوجداني، وفي تبيان إشكاليّة النّصّ ومعرفة موضوعه الرئيس. كما أنّه ساعد على إدراك الهدف الذي ترمي إليه الشّاعرة، وعلى إبراز اتّجاه النّصّ ومعرفة الزّاوية التي تنظر منها الشّاعرة إلى الموضوع، وكذلك الإضاءة على الفكرة الأهمّ (خصائص الشّعر الوجداني)، عبر تشكيل حقل معجميّ كبير لها.

 

4-  يعطي المعلّم/ة التّلامذة مدّة عشر دقائق لتحضير السؤال الآتي:

-  حلّلِ نفسيّة الشّاعرة في ما يخصّ ظلم الحاكم وجَوْر الزمن.

        أ - يطلب المعلّم/ة إلى بعض التّلامذة قراءة ما حضّروه ويضع إشارات مشاركة.

       ب - يعطي المعلّم/ة الإجابة ويطلب إلى التلامذة كتابتها على دفاترهم الخاصّة:

إنّ القصيدة تعبير صادق عمّا يختلج في خاطر ليلى وما تزخر به حياتها من وقائع.

إنّ الشّاعرة تعبّر عن تجربة الأسر، من قبل “ كسرى “ملك الفرس، التي مرّت بها والتي سبّبت لها اللّوعة، فكانت هذه الأبيات المنتزعة من قلبها، والمتضمّنة لوعتها وأساها ومعاناتها وشوقها وحنينها، إلى ابن عمّها "البرّاق"، وقوّة وجدانها، وقوّة انفعالها وتأثّرها أمام موقف يختلف عن المواقف عامّة. إذ إنّ المصائب تبدأ عادة كبيرة ثقيلة ثمّ تصغر مع الزّمن. إنّ أبيات القصيدة صادرة عن صدق شعور، يؤثّر في المُطالِع ويدفعه إلى مشاركة الشّاعرة آلامها وانفعالاتها، أمام ظلم الحاكم وجَوْرِ الزمن.

» مَليحةُ الهُدُبِ المنكَسِر «

إنّ أبيات القصيدة ذات نزعة إنسانيّة تتجلّى في دورانها حول أمور قائمة في معدن الإنسان وجوهره، مثل الألم المكبوت والنفس التي تعذّبها الجراح، وتناسي الصّحب وسَلْوِ الأهل والأخوة وجَوْرِ الزمن. ذلك أنّ الشّاعرة في مناجاتها لحبيبها وإخوتها ولوصْف صورة عذاباتها لا تقف كثيرًا عند حدود هذه الفكرة كثيرًا، علمًا بأنّ مصيبتها جلّهُا يعود إلى الدّهر بمقدار ما يعود أمرها إلى قبيلتها (بني تغلب) الذين نسوا بلاءها وما تقاسيه وما هي فيه.

لذلك راحت تعرض الحوادث، وتصوّر المواقف النفسيّة والتساؤلات، والعتاب كلام عادي يصدر عن صاحبه بعفويّة وطبيعيّة بعيدة عن الجهد والتكلّف. وإنّها تستخدم فيها صيغًا من التعابير تتلاءم وأهدافها، فهي تستعمل في مطلع القصيدة "ليت" لاستشارة عاطفة حبيبها "البرّاق" ليت للبرّاق عينًا فترى.

إنّها الشاعرة لا تنفكّ تتمادى وتنادي إخوتها وقومها لينصروها ويفكّوا أسرها ويخلّصوها من ظلم "كسرى":

يا كُليْبًا وعَقيلاً إِخوَتي                       يا جُنَيْدَ أسعِدوني بالبُكا

  يا بَني تَغْلِبَ سيْروا وانصُروا               وذَروا الغَفْلَةَ عَنكُم والكَرى

 

وهكذا فإنّ قصيدة ليلى العفيفة شفّافة تسفر عن مضمونها بسهولة. أمّا صاحبتها فإنّها متمنّعِة، وتمنّعُها هو الذي جلب لها شتّى أشكال المعاناة، فراحت تصوّر تجربتها المأسويّة ونفسيّتها المنحطّة بقصيدة تحمل في أحشائها إحدى السّمات المميّزة للشّعر في العصر الجاهلي، أي التّصوير الحسّي الذي يراهن على الإجابة في وصف أبعاد الصور وهيئاتها بشكل يستطيع معه المتلقّي تمثّلها بسهولة وكأنّه يراها.

ولقد سعت الشاعرة التي تعاني من الأسر ومن جَوْرِ الزمن وغدره إلى إثارة حماسة محبوبها وقبيلتها للدّفاع عن شرفها وشرفهم جميعًا. ثمّ إنّ الأسر الذي فرّق بين الشّاعرة وحبيبها، وجعله عاجزًا عن رؤيةحجم مأساتها ومقدار وفائها لحبّه، تتخطّاه القصيدة وتطوي على تلك المسافات الشّاسعة لتفتح عينه على معاناتها وتؤجّجِ فيه الرغبة في الانتقام. وهذا معناه أنّ القصيدة مجرّد قناة مزخرفة بالوزن والقافية تنقل رسالة مأسويّة، أي أنّها ليست مهمّة في ذاتها بقدر ما هي مهمّة بمحتوياتها، وما ينتج من تلك المحتويات من ردود فعل جرّاء الانفعال السّريع بها، وليس التفاعل المتأنّي معها.

يبقى التّعبير الكتابي المستقى من نمط النّص أو من القضايا التي يتناولها النّص وقد يشكّل موضوع مسابقة صفيّة. ومن المفيد تناول موضوع الشعر الجاهلي، من حيث خصائصه ونوعه وموضوعه، على ألاّ تتعدّى الإجابة عن هذا الموضوع العشرين سطرًا.

بطاقة تقنيّة في مادّة اللّغة العربيّة وآدابها

بطاقة تقنيّة في مادّة اللّغة العربيّة وآدابها

"ليت للبرّاق عينًا"- للشّاعرة ليلى بنت لُكَيز

مَليحَةُ الهُدُبِ المُنكَسِرِ

 

السّنة : الأولى الثانويّة

الأهداف التعلّميّة:

1- التّعريف بالشّعر الوجداني وتبيان دور الحقل المعجمي في إبراز خصائصه.

2- تحليل نفسيّة الشاعرة في ما يخصّ الشّكوى من ظلم الحاكم وجَوْر الزمن.

المدّة : حصّة دراسيّة واحدة.

الوسائل التعلّميّة:  نصّ قصيدة "ليت للبرّاق عينًا" للشاعرة ليلى بنت لُكَيز الملقّبة بالعفيفة.

 

لَيْتَ لِلبرَّاقِ عَيْنًا فَتَرى                                         ما أُلاقي من بَلاءٍ وَعنَا

يا كُلَيبًا وَعَقيلاً إِخْوَتي                                          يا جُنيْدَ أَسَْعِدوني بالبُكا

عُذّبَِتْ أُخْتُكُم يا وَيْلَكُمْ                                           بِعَذابِ الفِكْرِ صُبحًا وَمَسا

غَلَّلوني قَيَّدوني ضَرَبوا                                        جِسْمِيَ النَّاحِلَ ضَرْبًا بِالعَصا

يَكْذِب الأَعْجُمُ ما يَقْرُبُني                                       وَمَعي بَعْضُ حَشاشاتِ الحَيا

فَأَنا كارِهةٌ بَغْيَكُْم                                              وَيَقيْني المَْوَتَ شَيءٌ يُرتَجى

يا بَني تَغْلِبَ سيْروا وانصُروا                                 وذَروا الْغَفْلَةَ عَنكُمْ وَالكَرى

وَذَروا العارَ على أَعْقابِكُْم                                      وَعَليكُم ما بَقِيتُمْ في الدّنُى

 

1- القراءة الصّامتة :

يتبعها حوار قصير:

 - للتأكّد من أنّ المتعلّم/ة قد قرأ النّص (يطرح المعلّم أسئلة على المتعلّمين ويدوّن على دفتره إشارات مشاركة + - ... ).

 - للتّحفيز على الاهتمام بالنّص ومضمونه.

 

2- القراءة الجهريّة:

 - من المستحسن أن يقرأ المعلّم/ة النّص في المرّة الأولى ليركّز على صحّة القراءة (الحركات الإعرابيّة، علامات الوقف، الصّوت الواضح، مخارج الحروف، النّبر والتّنغيم، وتمثيل المعنى...).

-  القراءة الجهريّة للتّلامذة: ينتقي المعلّم/ة التّلامذة بشكل غير متسلسل ثمّ يطرح عليهم أسئلة في الفهم والدّلالات ممهّدًا لذلك بفكرة عامّة حول موضوع القصيدة من خلال التّعريف بصاحبتها: الشّاعرة ليلى العفيفة بنت لُكَيز بن مرّة من قبيلة رَبِيعَةَ، وهي شاعرة جاهليّة، كانت من أَمْلَح بنات العرب وأجمَلهنّ خصالاً. تقدّمَ لخطبتها الكثير من أسياد القبائل العربيّة فأبت عليهم وآثرت البقاء في قبيلتها ربيعة. وقد ذاع خبر جمالها وعفّتها وأخلاقها الحميدة فوصل إلى “ كِسْرى “ ملك الفرس فرغب فيها، ورغبت هي عنه، فحاول إغراءها بالحُلل والحُلى والمطعم والمشرب فكانت المحاولة دون بلوغ الحَول، لأنّ قلب ليلى خفّاق بحبّ ابن عمّها البرّاق حسبها أن تقول وهي في أسر قصر “ كِسْرى “ ما يوجع ويلوّع. فسار قولها سيرورته المستحبّة، ليلى ذات العينيَن المعسولَتين المغسولَتين تتأنّى وهي تقول ما تتمنّى.

 

٣- يطرح المعلّم/ة على التّلامذة السؤال الآتي ويعطيهم مدّة عشر دقائق لتحضيره في الصّف: عرّفِ الشّعر الوجداني وبيّنِ دور الحقل المعجمي الوارد في القصيدة في إبراز خصائصه.

  • يطلب المعلّم/ة إلى بعض التّلامذة قراءة ما حضّروه ويضع إشارات مشاركة.
  • يعطي المعلّم/ة الإجابة ويطلب إلى التّلامذة كتابتها على دفاترهم الخاصّة:

أ - التّعريف بالشعر الوجداني:

الشّعر الوجداني هو الشّعر الذي لا يتحدّث فيه الشّاعر إلاّ عن نفسه، ولا يتحدّث إلاّ بواقعه الخاص.

إنّه موغلٌ في الذاتيّة، ينبعثُ من القلب ليتوجّه إلى القلب، ولا يكون الدّافع إليه شخصيّة الشّاعر، وإنّما شعور داخلي وحاجة نفسيّة إلى التّعبيرعمّا يعتري النفس من انفعالات وتأثّرُات أمام أحداث الحياة. يَنظمه صاحبه، ليكون مؤاساة له، ويصدر عنه صدورًا عفويّاً طبيعيّاً، كما يفوح العطر من الزَّهرة، وكما ينبعث النّور من الشّمس.

فالشّعر الوجداني قائم في أصالة الشّاعر وطبيعته لا يستطيع أن يكتبه أو يكتمه، إنّما يحسّ بجرح أو ضيق، إن لم يبح بهما. هل تستطيع الزهرة يومًا أن تكتم على الناس عطرها، وهل تستطيع الشّمس أن تحجب عنهم نورها ؟ كذلك الشّاعر الوجداني لا يستطيع إلاّ أن يبوح بما يحتاج وجدانه.

ب - دور الحقل المعجميّ الوارد في القصيدة في إبراز خصائص الشّعر الوجداني:

تُبرز الحقول المعجميّة، المشار تحتها بخطّ، خصائص الشّعر الوجداني بحيث تطالعنا الشّاعرة في القسم الأوّل من القصيدة بوصف ما تجد في نفسها من حسرة على حبيب تحمل همّه وهمّها معًا فتناجيه: ليت للبرّاق عينًا فترى ما ألاقي من عذاب وضنا إنّها امرأة أُبْعِدَت قسرًا عن إخوتها فتستغيث بهم طالبة إليهم إسعادها بالبكاء: أسعدوني بالبكا.

لقد عُذّبِت: عُذّبِت أُخْتُكُم                غُلّلِت وقُيّ دِت وضُرِبَت:

غلّلوني-  قيّدوني- ضربوا جسمي النّاحل ضربًا بالعصا

وبقيت في أسر ملك الفرس تنطوي على ألم وحنين، تنتظر عودتها إلى حبيبها "البرّاق" ابن عمّها، في كلّ يوم، وفي كل يوم يخيب أملها. فتذرف الدّمع سخيّاً. ويزيد في لوعتها أنّها لا تجد في محنتها امرءًا يواسيها. في قلبها حُرُق تضطرم فتحاول بالصّبر إخمادها إلاّ أنّ الهموم لا تلبث أن تعود بها إلى الاشتعال فتتمنّى الموت خلاصًا لعذاباتها:ويقيني الموت شيءٌ يُرتجى.

مسكينة هي لا يهدأ قلقها، وإذا اطمأنّت أو هدأت عنّت لها ذكرى حبيبها فعاد إليها القلق من جديد. فتخاطب قومها بلهجة العتاب المحبّ وتدعوهم إلى نصرتها ومسح غبار الذّل والعار عنها:

يا بَني تَغْلِبَ سيروا وانصُروا              وذَروا اْلغَفْلَةَ عَنْكُمْ وَالكَرى

وذَروا العارَ على أَعقابِكُْم                   وَعَلَيْكُمْ ما بَقِيتُمْ في الدّنُى

 

وهكذا نجد أنّ الحقل المعجمي قد أسهم في إبراز خصائص الشّعر الوجداني، وفي تبيان إشكاليّة النّصّ ومعرفة موضوعه الرئيس. كما أنّه ساعد على إدراك الهدف الذي ترمي إليه الشّاعرة، وعلى إبراز اتّجاه النّصّ ومعرفة الزّاوية التي تنظر منها الشّاعرة إلى الموضوع، وكذلك الإضاءة على الفكرة الأهمّ (خصائص الشّعر الوجداني)، عبر تشكيل حقل معجميّ كبير لها.

 

4-  يعطي المعلّم/ة التّلامذة مدّة عشر دقائق لتحضير السؤال الآتي:

-  حلّلِ نفسيّة الشّاعرة في ما يخصّ ظلم الحاكم وجَوْر الزمن.

        أ - يطلب المعلّم/ة إلى بعض التّلامذة قراءة ما حضّروه ويضع إشارات مشاركة.

       ب - يعطي المعلّم/ة الإجابة ويطلب إلى التلامذة كتابتها على دفاترهم الخاصّة:

إنّ القصيدة تعبير صادق عمّا يختلج في خاطر ليلى وما تزخر به حياتها من وقائع.

إنّ الشّاعرة تعبّر عن تجربة الأسر، من قبل “ كسرى “ملك الفرس، التي مرّت بها والتي سبّبت لها اللّوعة، فكانت هذه الأبيات المنتزعة من قلبها، والمتضمّنة لوعتها وأساها ومعاناتها وشوقها وحنينها، إلى ابن عمّها "البرّاق"، وقوّة وجدانها، وقوّة انفعالها وتأثّرها أمام موقف يختلف عن المواقف عامّة. إذ إنّ المصائب تبدأ عادة كبيرة ثقيلة ثمّ تصغر مع الزّمن. إنّ أبيات القصيدة صادرة عن صدق شعور، يؤثّر في المُطالِع ويدفعه إلى مشاركة الشّاعرة آلامها وانفعالاتها، أمام ظلم الحاكم وجَوْرِ الزمن.

» مَليحةُ الهُدُبِ المنكَسِر «

إنّ أبيات القصيدة ذات نزعة إنسانيّة تتجلّى في دورانها حول أمور قائمة في معدن الإنسان وجوهره، مثل الألم المكبوت والنفس التي تعذّبها الجراح، وتناسي الصّحب وسَلْوِ الأهل والأخوة وجَوْرِ الزمن. ذلك أنّ الشّاعرة في مناجاتها لحبيبها وإخوتها ولوصْف صورة عذاباتها لا تقف كثيرًا عند حدود هذه الفكرة كثيرًا، علمًا بأنّ مصيبتها جلّهُا يعود إلى الدّهر بمقدار ما يعود أمرها إلى قبيلتها (بني تغلب) الذين نسوا بلاءها وما تقاسيه وما هي فيه.

لذلك راحت تعرض الحوادث، وتصوّر المواقف النفسيّة والتساؤلات، والعتاب كلام عادي يصدر عن صاحبه بعفويّة وطبيعيّة بعيدة عن الجهد والتكلّف. وإنّها تستخدم فيها صيغًا من التعابير تتلاءم وأهدافها، فهي تستعمل في مطلع القصيدة "ليت" لاستشارة عاطفة حبيبها "البرّاق" ليت للبرّاق عينًا فترى.

إنّها الشاعرة لا تنفكّ تتمادى وتنادي إخوتها وقومها لينصروها ويفكّوا أسرها ويخلّصوها من ظلم "كسرى":

يا كُليْبًا وعَقيلاً إِخوَتي                       يا جُنَيْدَ أسعِدوني بالبُكا

  يا بَني تَغْلِبَ سيْروا وانصُروا               وذَروا الغَفْلَةَ عَنكُم والكَرى

 

وهكذا فإنّ قصيدة ليلى العفيفة شفّافة تسفر عن مضمونها بسهولة. أمّا صاحبتها فإنّها متمنّعِة، وتمنّعُها هو الذي جلب لها شتّى أشكال المعاناة، فراحت تصوّر تجربتها المأسويّة ونفسيّتها المنحطّة بقصيدة تحمل في أحشائها إحدى السّمات المميّزة للشّعر في العصر الجاهلي، أي التّصوير الحسّي الذي يراهن على الإجابة في وصف أبعاد الصور وهيئاتها بشكل يستطيع معه المتلقّي تمثّلها بسهولة وكأنّه يراها.

ولقد سعت الشاعرة التي تعاني من الأسر ومن جَوْرِ الزمن وغدره إلى إثارة حماسة محبوبها وقبيلتها للدّفاع عن شرفها وشرفهم جميعًا. ثمّ إنّ الأسر الذي فرّق بين الشّاعرة وحبيبها، وجعله عاجزًا عن رؤيةحجم مأساتها ومقدار وفائها لحبّه، تتخطّاه القصيدة وتطوي على تلك المسافات الشّاسعة لتفتح عينه على معاناتها وتؤجّجِ فيه الرغبة في الانتقام. وهذا معناه أنّ القصيدة مجرّد قناة مزخرفة بالوزن والقافية تنقل رسالة مأسويّة، أي أنّها ليست مهمّة في ذاتها بقدر ما هي مهمّة بمحتوياتها، وما ينتج من تلك المحتويات من ردود فعل جرّاء الانفعال السّريع بها، وليس التفاعل المتأنّي معها.

يبقى التّعبير الكتابي المستقى من نمط النّص أو من القضايا التي يتناولها النّص وقد يشكّل موضوع مسابقة صفيّة. ومن المفيد تناول موضوع الشعر الجاهلي، من حيث خصائصه ونوعه وموضوعه، على ألاّ تتعدّى الإجابة عن هذا الموضوع العشرين سطرًا.

بطاقة تقنيّة في مادّة اللّغة العربيّة وآدابها

بطاقة تقنيّة في مادّة اللّغة العربيّة وآدابها

"ليت للبرّاق عينًا"- للشّاعرة ليلى بنت لُكَيز

مَليحَةُ الهُدُبِ المُنكَسِرِ

 

السّنة : الأولى الثانويّة

الأهداف التعلّميّة:

1- التّعريف بالشّعر الوجداني وتبيان دور الحقل المعجمي في إبراز خصائصه.

2- تحليل نفسيّة الشاعرة في ما يخصّ الشّكوى من ظلم الحاكم وجَوْر الزمن.

المدّة : حصّة دراسيّة واحدة.

الوسائل التعلّميّة:  نصّ قصيدة "ليت للبرّاق عينًا" للشاعرة ليلى بنت لُكَيز الملقّبة بالعفيفة.

 

لَيْتَ لِلبرَّاقِ عَيْنًا فَتَرى                                         ما أُلاقي من بَلاءٍ وَعنَا

يا كُلَيبًا وَعَقيلاً إِخْوَتي                                          يا جُنيْدَ أَسَْعِدوني بالبُكا

عُذّبَِتْ أُخْتُكُم يا وَيْلَكُمْ                                           بِعَذابِ الفِكْرِ صُبحًا وَمَسا

غَلَّلوني قَيَّدوني ضَرَبوا                                        جِسْمِيَ النَّاحِلَ ضَرْبًا بِالعَصا

يَكْذِب الأَعْجُمُ ما يَقْرُبُني                                       وَمَعي بَعْضُ حَشاشاتِ الحَيا

فَأَنا كارِهةٌ بَغْيَكُْم                                              وَيَقيْني المَْوَتَ شَيءٌ يُرتَجى

يا بَني تَغْلِبَ سيْروا وانصُروا                                 وذَروا الْغَفْلَةَ عَنكُمْ وَالكَرى

وَذَروا العارَ على أَعْقابِكُْم                                      وَعَليكُم ما بَقِيتُمْ في الدّنُى

 

1- القراءة الصّامتة :

يتبعها حوار قصير:

 - للتأكّد من أنّ المتعلّم/ة قد قرأ النّص (يطرح المعلّم أسئلة على المتعلّمين ويدوّن على دفتره إشارات مشاركة + - ... ).

 - للتّحفيز على الاهتمام بالنّص ومضمونه.

 

2- القراءة الجهريّة:

 - من المستحسن أن يقرأ المعلّم/ة النّص في المرّة الأولى ليركّز على صحّة القراءة (الحركات الإعرابيّة، علامات الوقف، الصّوت الواضح، مخارج الحروف، النّبر والتّنغيم، وتمثيل المعنى...).

-  القراءة الجهريّة للتّلامذة: ينتقي المعلّم/ة التّلامذة بشكل غير متسلسل ثمّ يطرح عليهم أسئلة في الفهم والدّلالات ممهّدًا لذلك بفكرة عامّة حول موضوع القصيدة من خلال التّعريف بصاحبتها: الشّاعرة ليلى العفيفة بنت لُكَيز بن مرّة من قبيلة رَبِيعَةَ، وهي شاعرة جاهليّة، كانت من أَمْلَح بنات العرب وأجمَلهنّ خصالاً. تقدّمَ لخطبتها الكثير من أسياد القبائل العربيّة فأبت عليهم وآثرت البقاء في قبيلتها ربيعة. وقد ذاع خبر جمالها وعفّتها وأخلاقها الحميدة فوصل إلى “ كِسْرى “ ملك الفرس فرغب فيها، ورغبت هي عنه، فحاول إغراءها بالحُلل والحُلى والمطعم والمشرب فكانت المحاولة دون بلوغ الحَول، لأنّ قلب ليلى خفّاق بحبّ ابن عمّها البرّاق حسبها أن تقول وهي في أسر قصر “ كِسْرى “ ما يوجع ويلوّع. فسار قولها سيرورته المستحبّة، ليلى ذات العينيَن المعسولَتين المغسولَتين تتأنّى وهي تقول ما تتمنّى.

 

٣- يطرح المعلّم/ة على التّلامذة السؤال الآتي ويعطيهم مدّة عشر دقائق لتحضيره في الصّف: عرّفِ الشّعر الوجداني وبيّنِ دور الحقل المعجمي الوارد في القصيدة في إبراز خصائصه.

  • يطلب المعلّم/ة إلى بعض التّلامذة قراءة ما حضّروه ويضع إشارات مشاركة.
  • يعطي المعلّم/ة الإجابة ويطلب إلى التّلامذة كتابتها على دفاترهم الخاصّة:

أ - التّعريف بالشعر الوجداني:

الشّعر الوجداني هو الشّعر الذي لا يتحدّث فيه الشّاعر إلاّ عن نفسه، ولا يتحدّث إلاّ بواقعه الخاص.

إنّه موغلٌ في الذاتيّة، ينبعثُ من القلب ليتوجّه إلى القلب، ولا يكون الدّافع إليه شخصيّة الشّاعر، وإنّما شعور داخلي وحاجة نفسيّة إلى التّعبيرعمّا يعتري النفس من انفعالات وتأثّرُات أمام أحداث الحياة. يَنظمه صاحبه، ليكون مؤاساة له، ويصدر عنه صدورًا عفويّاً طبيعيّاً، كما يفوح العطر من الزَّهرة، وكما ينبعث النّور من الشّمس.

فالشّعر الوجداني قائم في أصالة الشّاعر وطبيعته لا يستطيع أن يكتبه أو يكتمه، إنّما يحسّ بجرح أو ضيق، إن لم يبح بهما. هل تستطيع الزهرة يومًا أن تكتم على الناس عطرها، وهل تستطيع الشّمس أن تحجب عنهم نورها ؟ كذلك الشّاعر الوجداني لا يستطيع إلاّ أن يبوح بما يحتاج وجدانه.

ب - دور الحقل المعجميّ الوارد في القصيدة في إبراز خصائص الشّعر الوجداني:

تُبرز الحقول المعجميّة، المشار تحتها بخطّ، خصائص الشّعر الوجداني بحيث تطالعنا الشّاعرة في القسم الأوّل من القصيدة بوصف ما تجد في نفسها من حسرة على حبيب تحمل همّه وهمّها معًا فتناجيه: ليت للبرّاق عينًا فترى ما ألاقي من عذاب وضنا إنّها امرأة أُبْعِدَت قسرًا عن إخوتها فتستغيث بهم طالبة إليهم إسعادها بالبكاء: أسعدوني بالبكا.

لقد عُذّبِت: عُذّبِت أُخْتُكُم                غُلّلِت وقُيّ دِت وضُرِبَت:

غلّلوني-  قيّدوني- ضربوا جسمي النّاحل ضربًا بالعصا

وبقيت في أسر ملك الفرس تنطوي على ألم وحنين، تنتظر عودتها إلى حبيبها "البرّاق" ابن عمّها، في كلّ يوم، وفي كل يوم يخيب أملها. فتذرف الدّمع سخيّاً. ويزيد في لوعتها أنّها لا تجد في محنتها امرءًا يواسيها. في قلبها حُرُق تضطرم فتحاول بالصّبر إخمادها إلاّ أنّ الهموم لا تلبث أن تعود بها إلى الاشتعال فتتمنّى الموت خلاصًا لعذاباتها:ويقيني الموت شيءٌ يُرتجى.

مسكينة هي لا يهدأ قلقها، وإذا اطمأنّت أو هدأت عنّت لها ذكرى حبيبها فعاد إليها القلق من جديد. فتخاطب قومها بلهجة العتاب المحبّ وتدعوهم إلى نصرتها ومسح غبار الذّل والعار عنها:

يا بَني تَغْلِبَ سيروا وانصُروا              وذَروا اْلغَفْلَةَ عَنْكُمْ وَالكَرى

وذَروا العارَ على أَعقابِكُْم                   وَعَلَيْكُمْ ما بَقِيتُمْ في الدّنُى

 

وهكذا نجد أنّ الحقل المعجمي قد أسهم في إبراز خصائص الشّعر الوجداني، وفي تبيان إشكاليّة النّصّ ومعرفة موضوعه الرئيس. كما أنّه ساعد على إدراك الهدف الذي ترمي إليه الشّاعرة، وعلى إبراز اتّجاه النّصّ ومعرفة الزّاوية التي تنظر منها الشّاعرة إلى الموضوع، وكذلك الإضاءة على الفكرة الأهمّ (خصائص الشّعر الوجداني)، عبر تشكيل حقل معجميّ كبير لها.

 

4-  يعطي المعلّم/ة التّلامذة مدّة عشر دقائق لتحضير السؤال الآتي:

-  حلّلِ نفسيّة الشّاعرة في ما يخصّ ظلم الحاكم وجَوْر الزمن.

        أ - يطلب المعلّم/ة إلى بعض التّلامذة قراءة ما حضّروه ويضع إشارات مشاركة.

       ب - يعطي المعلّم/ة الإجابة ويطلب إلى التلامذة كتابتها على دفاترهم الخاصّة:

إنّ القصيدة تعبير صادق عمّا يختلج في خاطر ليلى وما تزخر به حياتها من وقائع.

إنّ الشّاعرة تعبّر عن تجربة الأسر، من قبل “ كسرى “ملك الفرس، التي مرّت بها والتي سبّبت لها اللّوعة، فكانت هذه الأبيات المنتزعة من قلبها، والمتضمّنة لوعتها وأساها ومعاناتها وشوقها وحنينها، إلى ابن عمّها "البرّاق"، وقوّة وجدانها، وقوّة انفعالها وتأثّرها أمام موقف يختلف عن المواقف عامّة. إذ إنّ المصائب تبدأ عادة كبيرة ثقيلة ثمّ تصغر مع الزّمن. إنّ أبيات القصيدة صادرة عن صدق شعور، يؤثّر في المُطالِع ويدفعه إلى مشاركة الشّاعرة آلامها وانفعالاتها، أمام ظلم الحاكم وجَوْرِ الزمن.

» مَليحةُ الهُدُبِ المنكَسِر «

إنّ أبيات القصيدة ذات نزعة إنسانيّة تتجلّى في دورانها حول أمور قائمة في معدن الإنسان وجوهره، مثل الألم المكبوت والنفس التي تعذّبها الجراح، وتناسي الصّحب وسَلْوِ الأهل والأخوة وجَوْرِ الزمن. ذلك أنّ الشّاعرة في مناجاتها لحبيبها وإخوتها ولوصْف صورة عذاباتها لا تقف كثيرًا عند حدود هذه الفكرة كثيرًا، علمًا بأنّ مصيبتها جلّهُا يعود إلى الدّهر بمقدار ما يعود أمرها إلى قبيلتها (بني تغلب) الذين نسوا بلاءها وما تقاسيه وما هي فيه.

لذلك راحت تعرض الحوادث، وتصوّر المواقف النفسيّة والتساؤلات، والعتاب كلام عادي يصدر عن صاحبه بعفويّة وطبيعيّة بعيدة عن الجهد والتكلّف. وإنّها تستخدم فيها صيغًا من التعابير تتلاءم وأهدافها، فهي تستعمل في مطلع القصيدة "ليت" لاستشارة عاطفة حبيبها "البرّاق" ليت للبرّاق عينًا فترى.

إنّها الشاعرة لا تنفكّ تتمادى وتنادي إخوتها وقومها لينصروها ويفكّوا أسرها ويخلّصوها من ظلم "كسرى":

يا كُليْبًا وعَقيلاً إِخوَتي                       يا جُنَيْدَ أسعِدوني بالبُكا

  يا بَني تَغْلِبَ سيْروا وانصُروا               وذَروا الغَفْلَةَ عَنكُم والكَرى

 

وهكذا فإنّ قصيدة ليلى العفيفة شفّافة تسفر عن مضمونها بسهولة. أمّا صاحبتها فإنّها متمنّعِة، وتمنّعُها هو الذي جلب لها شتّى أشكال المعاناة، فراحت تصوّر تجربتها المأسويّة ونفسيّتها المنحطّة بقصيدة تحمل في أحشائها إحدى السّمات المميّزة للشّعر في العصر الجاهلي، أي التّصوير الحسّي الذي يراهن على الإجابة في وصف أبعاد الصور وهيئاتها بشكل يستطيع معه المتلقّي تمثّلها بسهولة وكأنّه يراها.

ولقد سعت الشاعرة التي تعاني من الأسر ومن جَوْرِ الزمن وغدره إلى إثارة حماسة محبوبها وقبيلتها للدّفاع عن شرفها وشرفهم جميعًا. ثمّ إنّ الأسر الذي فرّق بين الشّاعرة وحبيبها، وجعله عاجزًا عن رؤيةحجم مأساتها ومقدار وفائها لحبّه، تتخطّاه القصيدة وتطوي على تلك المسافات الشّاسعة لتفتح عينه على معاناتها وتؤجّجِ فيه الرغبة في الانتقام. وهذا معناه أنّ القصيدة مجرّد قناة مزخرفة بالوزن والقافية تنقل رسالة مأسويّة، أي أنّها ليست مهمّة في ذاتها بقدر ما هي مهمّة بمحتوياتها، وما ينتج من تلك المحتويات من ردود فعل جرّاء الانفعال السّريع بها، وليس التفاعل المتأنّي معها.

يبقى التّعبير الكتابي المستقى من نمط النّص أو من القضايا التي يتناولها النّص وقد يشكّل موضوع مسابقة صفيّة. ومن المفيد تناول موضوع الشعر الجاهلي، من حيث خصائصه ونوعه وموضوعه، على ألاّ تتعدّى الإجابة عن هذا الموضوع العشرين سطرًا.