الامتحانات الرسمية

الامتحانات الرسمية

صورة الاستاذ حسان ملكشعار الوزارة التربية

 

 

الأستاذ حسّان مَلَك، من مَواليد كترمايا ( الشوف، إقليم الخروب ). عُيّنِ أستاذًا للتعليم الثانوي بتاريخ 1971/10/13. كُلّفِ بإدارة الامتحانات الرسميّةَ بتاريخ . 1992/10/12, وأصبَحَ أصيلاً بعد أن نَجَح في الدورة التدريبية الخاصة الّتي أجراها مَجْلِس الخِدمة المدنية ل (رؤساء دوائر) في 20 حزيران 2001 . يحمل إجازة في الآداب والجغرافيا من جامعة بيروت العربية. شارك  بمؤتمرات عربية وأجنبية لها علاقة بالامتحانات الرسميّةَ، ومنها امتحانات ذَوي الاحتياجات الخاصة.

 

 

أَلّفَ كتبًا تربوية عدّةَ، من أبرزها: “الأسطوانة الجغرافية”.

الامتحان هو ساعة الرهبة كأنّها ساعة الحساب، أكانت محصورة بالاختبارات الشهرية أم الفصلية أم الامتحانات الرسميّةَ، ذلك لأنّها لا تزال مَصْدَرَ التوتر وشَدّ الأعصاب عند التلامذة، ونحن نَطمحُ لأن يكون الامتحان هادئًا بسيطًا ومعبراً. فيأتي مُنصِفًا ويساعد التلميذ على اكتشاف قُدراته استنادًا إلى تحصيله الدراسي بحيث تأتي النتيجة على قاعدة أن يكون التلميذ مكرَّمًا وليس مُهانًا. فَتُصبِحُ دعوتنا لتلامذتنا إلى الامتحانات الرسميّةَ، وبخاصة امتحانات شهادة الثانوية العامة، بمثابة دعوة يُقبلون عليها بسرور وفَرَح. الامتحان ليس محاكمة! ولا يجب أن يَشعُرَ التلامذة أنهم في قفص الاتهام. ومن واجبنا كتربويين ومعلّمِين إزالة الخوف والتوتر من نفوسِهم. المسابقات ليست “حزازير” بل اختبار لمعرفة اكتسبها التلميذ على مقاعد الدراسة خلال سنين طوال. وهذا ما يسعى إليه المركز التربوي للبحوث والإنماء، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي من خلال المديرية العامة للتربية بمختلف وحداتها وبخاصة دائرة الامتحانات الرسميّةَ.

لِذا قَصَدَت “المجلة التربوية” رئيس الدائرة المختصَّة الأستاذ حَسّان مَلَك، قُبَيلَ إحالتِه على التقاعد، وحاوَرته حول مسألة الامتحانات وبخاصة مسألة الأعمال اللوجستية، فاستقبلنا على الرحب والسِعَة، مجيبًا عن أسئلتنا بعفوية وبساطة.

إنّه الرجل المناسب في المكان المناسب. يتمتع بخبرة عالية في مجال إدارة الامتحانات الرسميّةَ وينطلِق من الواقِع اللبناني ليمسك بزمام الأمور. كما أَنّه يتميّزَ بِصَراحة وعفوية كبيرَتَيْن. نتمنى أن يُستَفادَ من خُبُراتِهِ الطويلة في السنوات المقبلة، وأن يحفظه الله بصحة جيدة •

١- المجلًّة التّربويّة: منذ متى تولّيتم إدارة الامتحانات الرّسميّة؟

الاستاذ حسّان مَلَك: الدورة الثانية عام 1992

٢- س. رئاسة دائرة الامتحانات مهمّة صعبة وشاقة. ما هي الصّفات الّتي يجب أن يتحلّى بها رئيس دائرة الامتحانات؟
ج. تمرّ الامتحانات الرّسميّة بمراحل عديدة: قبول الطَلبات، تأمين المستلزمات اللّوجستيّة ( مناقصات، استدراجات عروض، تجهيزات مرورًا بالتحضيرات العملانيّة وصولا إلى التصحيح وإعلان النَتائج.

ولكن بصراحة، سؤالِكِ فيه شيء من المبالغة! أعمال الامتحانات ليست شاقّةَ، بخاصّة إذا ارتبطت بروزنامة عَمل مُعَدّةَ مُسبقًا. لذا تُصبحُ الصعوبة غير ذات أهمية مقارنةً بعمليّة تنفيذ المراحل. والخِبرة هي من أهمّ صِفات رئيس الدائرة. كما يجب على من يتولّى هذه المهمّةَ الّتي تَعني الوطن كلّ الوطن. أن يكون قَد مرَّ بكلّ المراحل، وقد توقّفََ عندَ كلّ المحطّات، أو على الأقل معظمها، كان قد اعتاد على مواجهة كل المشكلات وحلّها.

بدأتُ مُراقِب غُرفة عام 1977 . ثمّ مُراقِبًا عامًا، رئيس مَركز، مُصَحّحِاً، مُدَققًِا، فرئيس َلجنة. كما أَسْهَمْتُ بتنظيم الأعمال اللّوجستيّة.

الصّعوبة تَكْمُن في التّسَلْسُليّةَ والبَرْمَجة والتّنظيم. فعلى رئيس الدائرة أن يستنتج أو بالأحرى أن يكون  مُستَعِدّاً لمواجهةِ المشاكل الّتي قد تعْتَرضُه بصورة مفاجئة! أو ما يمكن أن نُسمّيه: “ حالات الطوارئ” كانقطاع التيّار الكهربائي مثلاً. عليه أن يجد الحلول بِسُرعَةٍ فائقة! فالامتحانات لا تَحْتَمِل الخطأ أو التأجيل.

من جهة أخرى عليه أن يتَمَتّعَ بالقُدْرَةِ على احترام الوقت وتنفيذ الأعمال المطلوبة في الوقتِ نفسِه، وهي كثيرة ومتنوعة، كتأمين البديل في حال الغِياب أو ما شابه ذلِك. فالتّأَجيل أمْرٌ غيرُ وارِد على الإِطلاق!

المجلّة التّربويّة : " طُلوع السلّم دَرْجَةٍ دَرْجة”!.
ج. تمامًا!

٣- س. الأعمال اللوجستيّة هي الرافعة الأساس للامتحانات! وقد صدرت عن المركز التّربوي للبحوث والإنماء (بالتعاون مع وزارة التربية والهيئة الوطنيّة لدعم المدرسة – الرسميّة)، توصيات مهمّة عام 2009 - 2010 . فهل استطعتم حلّ المشاكل المتعلّقة بمراكز الامتحانات؟

ج. عَدَد المدارس الرسميّةَ غير كافٍ، لذلِك نستَعين بالمدارِس الخاصّة بنسبة تَفوق ال 60 % تقريبًا. كما أنّنا لا نَتَوَقّفَ عند أمورٍ تافهة كالمكيّ فِ أو البرادي أو غير ذلك! نحن نختار المراكز الأفضل والأَنسَب للتلامذة وفاقًا لمعايير تؤمن سلامة الامتحانات والمرشَّحين في آنٍ معًا.


المجلّة التّربويّة: الأستاذ مَلَكْ يَسْتَرْسِل... يَتَكَلّمَ وكأنّهُ يريد أن “يُفْرِغ جعْبَتَهُ”. أمورٌ كثيرة تُشْغِلُ بالَهُ... لا ينتظِِر
السؤال. نَلْتَزِمُ الصَّمت. فَيُحَدّثُِنا عن شؤون وشُجون التدريب:


ج. المُعلّمِون يُشارِكون في الدَورات التدريبيّة. لكن غالبيّتهم لا يُطَبّقِ ما اكْتَسبََهُ لأن الدّاء يكمنُ في:

أ- عَدَم التّعَاون بين المتَدَرّ بِين والمدُرّبين.

ب- عدم المُتابَعة! فلا يوجد من يُراقِب أو يُحاسِب للتَأَكّد من عمليّة التَطبيق وهذا مؤسف!

٤- س. تَبدو متَشائِمًا؟
ج. لَسْتُ متفائلاً! أَشْعُرُ بِمَرارَة!
٥- س.لماذا؟
ج. الصّرِاعات في عالم التربية تُؤلِمنُي. لا يُمكننا أن ندفن رأسَنا في التُراب كالنّعامة!
لِنَكُن واقِعيّين. الأنانيّة التربويّة داءٌ خَبيث، يَفْتكُ بالجِسْمِ التربوي، يجب استئصالُهُ بِسُرعة وقبلَ فوات الأوان . مَنْ يُدرّبِ؟ منَْ يتابِع بعدَ التدريب؟ مَن يُطَبّقِ؟ أينَ دَور مديريّة التّعليم الابتدائي أو مديريّة التعليم الثانوي؟ ماذا عن الإرشاد والتَوجيه؟ لا تنقصهم الكفاءة أو الخِبرة. طبعًا. العلّةَ تكمُن في مَسْأَلَة التَنسيق في مابينهم. أقولُها من بابِ النَقد البنّاء وبمحبّة.


المجلّة التّربويّة: يبدو لنا أنّ النَقدَ من أجل النَقد ليس من شِيَمِك!
ج. أنتِ قلتِ! صَدّقِوني، وَحْدَه التّضامُن كفيلٌ بإنقاذ التربية. وبالتربية وحدها نبني معًا.


س. هل حُلّتَ العقد المتعلّقِة باختيار رؤساء المراكز والمراقبين؟
ج. التنظير سَهْل. واقِعْ لبنان صَعْب! وانتقاء رؤساء المراكز( مراكز الامتحانات) والمُراقبين العامّين والمُراقبين هو من صلاحيات المناطق التربويّة. أنا لا أعرف كل المعلّمين ومدى ثقافتهم. هذه مسؤوليّة رؤساء المناطق ّ. من جهة أخرى، الكمال لله ! من يَعْمَل يُخطئ “  .، والرجوع عن الخطأ فضيلة!” أمّا من لا يعمَل فكيف نريد أن يُخطئ؟؟ نحن بَشَر. لا يُمكن أن “تَجري الرِياح “ كما نتَمَنّى ومتى نشاء. لكنّنا نَصبو إلى الأفضل والأحسَن . نظريّةَ الوصول إلى الكَمال تَدحَضُ فِكرة التَطوّر. أَوَليسَ العالَم، وبخاصَّة عالم التربية، في تطوُّر دائم!؟


س. عفْوًا لمُقاطَعَتِكَ! ما الحَلْ أُستاذ مَلَكْ؟
ج. البَرمَجَة والتخطيط. ثُمّ العُنصُر البشري ومحاوَلَة إيجاد المال.


س. قدّمتم، خلال ورش العمل التي جَرت في المركز التربوي، عرضًا مُسْهَبًا يَتعلَّق بالتّعويضات الماليّة للمراقبين، والمشاكل الإداريّة مع
المُصَحِّحين، وطَلَبات التَرشيح وغيرها من الأمور التي تُسهِمُ في إِنجاح الامتحانات. فهل استطعتُم إيجاد الحلول لهذه المشاكل؟


ج. التعويضات مُنْصِفة إلى حدّ كبير، مقارنةً بِدُوَلِ العالَم. هي أيضًا عادِلة بين المَواد. نعم توجد مشاكل على صعيد المصَحّحين:
-1 ليس من آليّة للتَصحيح. علينا إيجاد هذه الآليّة، والمصححِون بحاجة إلى تدريب وفاقًا للآلية المعتمدة. والمعلّمِ الذي يدرّ سِ في السنة الثالثة الثانوية، مثلاً، يجب أن يُصحِّح مُسابقات السنة الثالثة الثانوية. دائرة  الامتحانات الرسميّةَ تعاني من مشاكل على هذا الصعيد. والحَل الأفضل، بالنسبة لاختيار المصحِّحين هو باختيارهم من قِبل المديريات المعنيّةَ. (مديرية التعليم الثانوي والابتدائي). المركز التربوي للبحوث والإنماء ومديرية الإرشاد والتوجيه يمكنهما المشاركة في اختيارالمصحّحِين أيضًا.
كما أن دَور المقرّ رِين هام ٌجدًا. فالمُقرّرِ يعَرِف من هو المصحّحِ الكفوء!


أما بالنسبة لَطلبات الترشيح فالأمور تَسير على أحسن ما يُرام!.
ولا يجب أن ننسى بأن القضايا الإنسانية والوجدانية تلعب دَورًا كبيرًا على جميع الأصعِدة وبخاصة في لبنان!


2- لا توجد ضَوابِط للقانون! وانتقاء المُصَحّحِين يجب أن يتمّ على أساس هذا القانون. كما يجب على المعلّم الّذي يتقدّمَ بطلَبٍ للتَصحيح أن يتَمَتّعَ بخبرة سَنَتَين على الأقل! فَلْنَضَع الضَوابِط.

ولْنُطَبقِ القانون على الجميع بعَِدْلٍ وإِنْصاف.

- ماذا عن وضع المراقبة؟ وهل تتمكَّنون من ضَبْط عمليات الغِش؟

ج. أينَ نحنُ من “جمهورية أفلاطون”؟ أَتظنين أن لبنان هو “المدينة الفاضِلَة”؟
لبنان بلدٌ صغير والجميع يعرفون بعضهم بعضًا! نحن نعيش في قرية. والغِش موجود في كل دُوَل العالم. فإذا طَلبْتُ مَن رئيس مركز أن يحضَر إلى مكان ما. كل التلامذة يَعرفون، وبسُرَعةٍ فائقة، من المسؤول في المركز الذي سيُقدّمِون فيه امتحانَهم. أمّا الأسباب الأخرى فَتَعود إلى الناحية الاجتماعية. فاللبناني بطبيعتِه يحب الوجاهة!

ثمّ لا تَنسيْ دَوْرَ “السلطة الرابعة”! سأعطيكِ مثلاً كافِيًا وشافيًا لغَليل “المجلة التربوية”:

مركزx فيه 500  تلميذ. المراقبة جيدة  بنسبة 80  % جيّدَة . فإذا حَصَلَ خطأ بسيط في غرفة y ( سببه القرابة مع أحَد التلامذة الذي يدّعي أن المسابقة صعبة جدًا ومن خارج المنهج ). تقوم قيامة “صاحبة الجلالة”، وتُطالعنا الصحف بِعَناوين ومنشيتات، ونَقرأ:
" مجزَرَة الامتحانات!”
" عمليات غِشّ!”...الخ
وما أشبه ذلِك من العناوين المُلْفِتة للقارىء. والهدف “بيع الصحيفة! أو مقابل حَفْنة من الدراهم!”. لا يجوز. هذا غير مُنصِف! وليس بهكذا أسلوب، تُسْهِمُ وسائل الإعلام بِدَعْم الامتحانات الرسمية. إنّها فعلاً أمراضٌ مستعصية في أوساط معيّنة.


س. هل استطعتم مَكْنَنَة كل ما يتعلَّق ببطاقات المرشَّحين وإصدار النتائج (على سبيل المثال لا الحصر؟)
ج . جيد ! ال Système . جّيَد. أَجريَْنا التجربة هذه السنة وبالتعاون مع المركز التربوي للبحوث والإنماء. والمركز يُسَاعدنا منذ سنوات طويلة تمتد على ثلاثين سنة تقريبًا وله منا الشكر والتقدير. فهو الذي يقوم يعمليات الطِباعة. ونحن نتقدّمَ معًا بِخُطًى ثابِتة! والنتائج تُعْلَن على الموقِع الإلكتروني لِوزارة التربية والتعليم العالي. وهذا أمرٌ جيّد . ولكن يجب أن نعترفِ بأنّنَا حَمّلَنا  هذا ال Système الذي اشترَتْه الوِزارة أعباءً كان بإمكاننا الاستغناء عَنها كي لا نَقَع في أخطاء، ولو كانت هذه الأخطاء من الأمور الطبيعية. مثلاً: أن نجمَع عَدد المسابَقات التي  صَحّحَها مُعَلّمِ ما وكَم من المال قبَض. وعندما ظَهرت الأخطاء حاولنا إعادَة النظر بُغْيَةَ تصحيحها فلم ننجح ! أما السَبب فَيَعود إلى عَدَمْ توافر  المال والتِقنية. ومّمِا زاد َفي تعقيد الأمور هو أن العَقْد مع الشَرِكة قد انتهى ونحن بحاجة إلى المال لتجديده. وهذا ما أجْبَرنا على إيقاف كل  شيء هذه السنة بانتظار الفرَج!!

س. التصحيح هو من أهم مراحل الامتحانات الرسميّةَ. فما هي الصفات التي يجب أن يتحلّى بها أعضاء اللجان الفاحِصَة وكيْفَ يتمّ اختيارُهم؟

ج. الكفاءة، الخِبرَة والأمانَة . ولكن منْ يزِنْ؟ بصراحَة الاختيار كَيفي، ولا تتوافَر دائمًا شروط النوعيّةَ. كما أنّ المعلّمِ الكفوء لا يتقدّمَ دائمًا بطلب التصحيح وذلك لأسباب صحيّة أو اجتماعية أو عائلية. وهذه أمور يجب أن تؤخَذ بِعين الاعتبار. الامتحان، والقانون، والمكنَنَة،  والتطوُّر... وُجِدَت لخدمة الإنسان والعكس غيرُ صَحيح!

س. ما هي الآلية المعتمدة لتغذية بنك الأسئلة؟وهل تستفيد منه اللجان الفاحِصة؟

ج. الخطوات جادّة، ثابتِة، مُنظّمة، ومدروسَة. فكل لجنة سَتُقدّمِ 6 مسابَقات جاهزة وبشكلِها النهائي للطباعة. عنَيتُ بذلِك أن لجان الامتحانات ستُشكّل من معلّمِين في المدارس الرسميَّة والخاصة ولِمنْ يَرغَب! وهذا ما ينعكس  إيجابًا على مَسْألَة تشكيل اللجان. فَمنْ يقدّمِ مُسابقة جيدة لبنك الأسئلة، يسَْتحِق أن يكون من أعضاء اللجان الفاحِصة.

س. ما هي الإرشَادات والتمنيات التي تَوَدون تقديمها لقراء “المجلة التربوية” وغالبيتهم من المعنيين بالامتحانات الرسميّة؟.

ج. على كل فرد من أفراد العائلة التربوية اللبنانية، أيّاً يكن حَجم أو مستوى عَمَله، أن يُساعد ويُسْهم في تحسين الوَضع التربوي. ثُمّ عليه ألاّ يكون بخيلاً وأنانيًا. يجب أن يكون، قلب الموظف، صاحب الخبرة الطويلة، متّسِعًا للحُب والخدمة والبذل والعطاء، فيساعِد من هم لا يَزالون في عُمر الشباب! وفي هذا المجال، كم من شباب في مجتمَعِنا اللبناني، هم عجائز! وكم من متقاعدين هم شباب بالعقل والخِبرة والطموح!؟ كما أن للتخطيط أهميّةَ كبيرة. و “الرأس المدبّر” الذي خَطّطَ لمشروع  ٍتربَوي ما، لا يجوز أن يُلغى هذا المشروع، عند إنهاء خدَماته!

نَصيحتي إلى أهل القرار في عالَم التربية بأن يستعينوا بالمتقاعِدين ( موظفين إداريين أو أكاديميين ) أصحاب التاريخ الطويل في خِدمة التربية. واسمحوا لي أن أسمي الاستاذ نزار غَريب والاستاذ مُفيد السكاف وغَيرِهِم... لا مَجال لذِكر كل الأسماء، ولكن علينا الإفادة من خُبراتهم.
التسليم والتسَلُّم بِدعَة! أنا من المؤمنين بتراكُميّة الخُبرات. وعلى الرؤساء أن يدرسوا ليس فقط القانون، بل فلسفة القانون والتخطيط. فالقانون نصٌ جامدٌ، وصاحِب الخبرة وحدَه يعرِف كيف يتعامل مع القوانين ويضعها في خِدمة الإنسان وفي خدمة التربية.
أخيرًا لا يجب أن ننسى بأن الحرب تركت بَصَماتها السَوداء على التربية والتربَويين، ولكن علينا بتضافُر جهود الجميع في وزارة التربية والتعليم العالي، وفي المركز التربوي للبحوث والإنماء، أن نُزيلَ هذه البَصمات. إنّه، مع الأسف، أمرٌ واقِع، ولكن يجب علينا الأّ نَدَعَهُ يَستَمِرّ. فنخرُج معًا مِن زَواريب “الترقيع التربوي” الضيِّقة إلى رِحابِ التخطيط التربوي  الواسعة
! .

لاستاذ حسان ملك يجيب عن اسئلة المجلة التربوية

الامتحانات الرسمية

الامتحانات الرسمية

صورة الاستاذ حسان ملكشعار الوزارة التربية

 

 

الأستاذ حسّان مَلَك، من مَواليد كترمايا ( الشوف، إقليم الخروب ). عُيّنِ أستاذًا للتعليم الثانوي بتاريخ 1971/10/13. كُلّفِ بإدارة الامتحانات الرسميّةَ بتاريخ . 1992/10/12, وأصبَحَ أصيلاً بعد أن نَجَح في الدورة التدريبية الخاصة الّتي أجراها مَجْلِس الخِدمة المدنية ل (رؤساء دوائر) في 20 حزيران 2001 . يحمل إجازة في الآداب والجغرافيا من جامعة بيروت العربية. شارك  بمؤتمرات عربية وأجنبية لها علاقة بالامتحانات الرسميّةَ، ومنها امتحانات ذَوي الاحتياجات الخاصة.

 

 

أَلّفَ كتبًا تربوية عدّةَ، من أبرزها: “الأسطوانة الجغرافية”.

الامتحان هو ساعة الرهبة كأنّها ساعة الحساب، أكانت محصورة بالاختبارات الشهرية أم الفصلية أم الامتحانات الرسميّةَ، ذلك لأنّها لا تزال مَصْدَرَ التوتر وشَدّ الأعصاب عند التلامذة، ونحن نَطمحُ لأن يكون الامتحان هادئًا بسيطًا ومعبراً. فيأتي مُنصِفًا ويساعد التلميذ على اكتشاف قُدراته استنادًا إلى تحصيله الدراسي بحيث تأتي النتيجة على قاعدة أن يكون التلميذ مكرَّمًا وليس مُهانًا. فَتُصبِحُ دعوتنا لتلامذتنا إلى الامتحانات الرسميّةَ، وبخاصة امتحانات شهادة الثانوية العامة، بمثابة دعوة يُقبلون عليها بسرور وفَرَح. الامتحان ليس محاكمة! ولا يجب أن يَشعُرَ التلامذة أنهم في قفص الاتهام. ومن واجبنا كتربويين ومعلّمِين إزالة الخوف والتوتر من نفوسِهم. المسابقات ليست “حزازير” بل اختبار لمعرفة اكتسبها التلميذ على مقاعد الدراسة خلال سنين طوال. وهذا ما يسعى إليه المركز التربوي للبحوث والإنماء، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي من خلال المديرية العامة للتربية بمختلف وحداتها وبخاصة دائرة الامتحانات الرسميّةَ.

لِذا قَصَدَت “المجلة التربوية” رئيس الدائرة المختصَّة الأستاذ حَسّان مَلَك، قُبَيلَ إحالتِه على التقاعد، وحاوَرته حول مسألة الامتحانات وبخاصة مسألة الأعمال اللوجستية، فاستقبلنا على الرحب والسِعَة، مجيبًا عن أسئلتنا بعفوية وبساطة.

إنّه الرجل المناسب في المكان المناسب. يتمتع بخبرة عالية في مجال إدارة الامتحانات الرسميّةَ وينطلِق من الواقِع اللبناني ليمسك بزمام الأمور. كما أَنّه يتميّزَ بِصَراحة وعفوية كبيرَتَيْن. نتمنى أن يُستَفادَ من خُبُراتِهِ الطويلة في السنوات المقبلة، وأن يحفظه الله بصحة جيدة •

١- المجلًّة التّربويّة: منذ متى تولّيتم إدارة الامتحانات الرّسميّة؟

الاستاذ حسّان مَلَك: الدورة الثانية عام 1992

٢- س. رئاسة دائرة الامتحانات مهمّة صعبة وشاقة. ما هي الصّفات الّتي يجب أن يتحلّى بها رئيس دائرة الامتحانات؟
ج. تمرّ الامتحانات الرّسميّة بمراحل عديدة: قبول الطَلبات، تأمين المستلزمات اللّوجستيّة ( مناقصات، استدراجات عروض، تجهيزات مرورًا بالتحضيرات العملانيّة وصولا إلى التصحيح وإعلان النَتائج.

ولكن بصراحة، سؤالِكِ فيه شيء من المبالغة! أعمال الامتحانات ليست شاقّةَ، بخاصّة إذا ارتبطت بروزنامة عَمل مُعَدّةَ مُسبقًا. لذا تُصبحُ الصعوبة غير ذات أهمية مقارنةً بعمليّة تنفيذ المراحل. والخِبرة هي من أهمّ صِفات رئيس الدائرة. كما يجب على من يتولّى هذه المهمّةَ الّتي تَعني الوطن كلّ الوطن. أن يكون قَد مرَّ بكلّ المراحل، وقد توقّفََ عندَ كلّ المحطّات، أو على الأقل معظمها، كان قد اعتاد على مواجهة كل المشكلات وحلّها.

بدأتُ مُراقِب غُرفة عام 1977 . ثمّ مُراقِبًا عامًا، رئيس مَركز، مُصَحّحِاً، مُدَققًِا، فرئيس َلجنة. كما أَسْهَمْتُ بتنظيم الأعمال اللّوجستيّة.

الصّعوبة تَكْمُن في التّسَلْسُليّةَ والبَرْمَجة والتّنظيم. فعلى رئيس الدائرة أن يستنتج أو بالأحرى أن يكون  مُستَعِدّاً لمواجهةِ المشاكل الّتي قد تعْتَرضُه بصورة مفاجئة! أو ما يمكن أن نُسمّيه: “ حالات الطوارئ” كانقطاع التيّار الكهربائي مثلاً. عليه أن يجد الحلول بِسُرعَةٍ فائقة! فالامتحانات لا تَحْتَمِل الخطأ أو التأجيل.

من جهة أخرى عليه أن يتَمَتّعَ بالقُدْرَةِ على احترام الوقت وتنفيذ الأعمال المطلوبة في الوقتِ نفسِه، وهي كثيرة ومتنوعة، كتأمين البديل في حال الغِياب أو ما شابه ذلِك. فالتّأَجيل أمْرٌ غيرُ وارِد على الإِطلاق!

المجلّة التّربويّة : " طُلوع السلّم دَرْجَةٍ دَرْجة”!.
ج. تمامًا!

٣- س. الأعمال اللوجستيّة هي الرافعة الأساس للامتحانات! وقد صدرت عن المركز التّربوي للبحوث والإنماء (بالتعاون مع وزارة التربية والهيئة الوطنيّة لدعم المدرسة – الرسميّة)، توصيات مهمّة عام 2009 - 2010 . فهل استطعتم حلّ المشاكل المتعلّقة بمراكز الامتحانات؟

ج. عَدَد المدارس الرسميّةَ غير كافٍ، لذلِك نستَعين بالمدارِس الخاصّة بنسبة تَفوق ال 60 % تقريبًا. كما أنّنا لا نَتَوَقّفَ عند أمورٍ تافهة كالمكيّ فِ أو البرادي أو غير ذلك! نحن نختار المراكز الأفضل والأَنسَب للتلامذة وفاقًا لمعايير تؤمن سلامة الامتحانات والمرشَّحين في آنٍ معًا.


المجلّة التّربويّة: الأستاذ مَلَكْ يَسْتَرْسِل... يَتَكَلّمَ وكأنّهُ يريد أن “يُفْرِغ جعْبَتَهُ”. أمورٌ كثيرة تُشْغِلُ بالَهُ... لا ينتظِِر
السؤال. نَلْتَزِمُ الصَّمت. فَيُحَدّثُِنا عن شؤون وشُجون التدريب:


ج. المُعلّمِون يُشارِكون في الدَورات التدريبيّة. لكن غالبيّتهم لا يُطَبّقِ ما اكْتَسبََهُ لأن الدّاء يكمنُ في:

أ- عَدَم التّعَاون بين المتَدَرّ بِين والمدُرّبين.

ب- عدم المُتابَعة! فلا يوجد من يُراقِب أو يُحاسِب للتَأَكّد من عمليّة التَطبيق وهذا مؤسف!

٤- س. تَبدو متَشائِمًا؟
ج. لَسْتُ متفائلاً! أَشْعُرُ بِمَرارَة!
٥- س.لماذا؟
ج. الصّرِاعات في عالم التربية تُؤلِمنُي. لا يُمكننا أن ندفن رأسَنا في التُراب كالنّعامة!
لِنَكُن واقِعيّين. الأنانيّة التربويّة داءٌ خَبيث، يَفْتكُ بالجِسْمِ التربوي، يجب استئصالُهُ بِسُرعة وقبلَ فوات الأوان . مَنْ يُدرّبِ؟ منَْ يتابِع بعدَ التدريب؟ مَن يُطَبّقِ؟ أينَ دَور مديريّة التّعليم الابتدائي أو مديريّة التعليم الثانوي؟ ماذا عن الإرشاد والتَوجيه؟ لا تنقصهم الكفاءة أو الخِبرة. طبعًا. العلّةَ تكمُن في مَسْأَلَة التَنسيق في مابينهم. أقولُها من بابِ النَقد البنّاء وبمحبّة.


المجلّة التّربويّة: يبدو لنا أنّ النَقدَ من أجل النَقد ليس من شِيَمِك!
ج. أنتِ قلتِ! صَدّقِوني، وَحْدَه التّضامُن كفيلٌ بإنقاذ التربية. وبالتربية وحدها نبني معًا.


س. هل حُلّتَ العقد المتعلّقِة باختيار رؤساء المراكز والمراقبين؟
ج. التنظير سَهْل. واقِعْ لبنان صَعْب! وانتقاء رؤساء المراكز( مراكز الامتحانات) والمُراقبين العامّين والمُراقبين هو من صلاحيات المناطق التربويّة. أنا لا أعرف كل المعلّمين ومدى ثقافتهم. هذه مسؤوليّة رؤساء المناطق ّ. من جهة أخرى، الكمال لله ! من يَعْمَل يُخطئ “  .، والرجوع عن الخطأ فضيلة!” أمّا من لا يعمَل فكيف نريد أن يُخطئ؟؟ نحن بَشَر. لا يُمكن أن “تَجري الرِياح “ كما نتَمَنّى ومتى نشاء. لكنّنا نَصبو إلى الأفضل والأحسَن . نظريّةَ الوصول إلى الكَمال تَدحَضُ فِكرة التَطوّر. أَوَليسَ العالَم، وبخاصَّة عالم التربية، في تطوُّر دائم!؟


س. عفْوًا لمُقاطَعَتِكَ! ما الحَلْ أُستاذ مَلَكْ؟
ج. البَرمَجَة والتخطيط. ثُمّ العُنصُر البشري ومحاوَلَة إيجاد المال.


س. قدّمتم، خلال ورش العمل التي جَرت في المركز التربوي، عرضًا مُسْهَبًا يَتعلَّق بالتّعويضات الماليّة للمراقبين، والمشاكل الإداريّة مع
المُصَحِّحين، وطَلَبات التَرشيح وغيرها من الأمور التي تُسهِمُ في إِنجاح الامتحانات. فهل استطعتُم إيجاد الحلول لهذه المشاكل؟


ج. التعويضات مُنْصِفة إلى حدّ كبير، مقارنةً بِدُوَلِ العالَم. هي أيضًا عادِلة بين المَواد. نعم توجد مشاكل على صعيد المصَحّحين:
-1 ليس من آليّة للتَصحيح. علينا إيجاد هذه الآليّة، والمصححِون بحاجة إلى تدريب وفاقًا للآلية المعتمدة. والمعلّمِ الذي يدرّ سِ في السنة الثالثة الثانوية، مثلاً، يجب أن يُصحِّح مُسابقات السنة الثالثة الثانوية. دائرة  الامتحانات الرسميّةَ تعاني من مشاكل على هذا الصعيد. والحَل الأفضل، بالنسبة لاختيار المصحِّحين هو باختيارهم من قِبل المديريات المعنيّةَ. (مديرية التعليم الثانوي والابتدائي). المركز التربوي للبحوث والإنماء ومديرية الإرشاد والتوجيه يمكنهما المشاركة في اختيارالمصحّحِين أيضًا.
كما أن دَور المقرّ رِين هام ٌجدًا. فالمُقرّرِ يعَرِف من هو المصحّحِ الكفوء!


أما بالنسبة لَطلبات الترشيح فالأمور تَسير على أحسن ما يُرام!.
ولا يجب أن ننسى بأن القضايا الإنسانية والوجدانية تلعب دَورًا كبيرًا على جميع الأصعِدة وبخاصة في لبنان!


2- لا توجد ضَوابِط للقانون! وانتقاء المُصَحّحِين يجب أن يتمّ على أساس هذا القانون. كما يجب على المعلّم الّذي يتقدّمَ بطلَبٍ للتَصحيح أن يتَمَتّعَ بخبرة سَنَتَين على الأقل! فَلْنَضَع الضَوابِط.

ولْنُطَبقِ القانون على الجميع بعَِدْلٍ وإِنْصاف.

- ماذا عن وضع المراقبة؟ وهل تتمكَّنون من ضَبْط عمليات الغِش؟

ج. أينَ نحنُ من “جمهورية أفلاطون”؟ أَتظنين أن لبنان هو “المدينة الفاضِلَة”؟
لبنان بلدٌ صغير والجميع يعرفون بعضهم بعضًا! نحن نعيش في قرية. والغِش موجود في كل دُوَل العالم. فإذا طَلبْتُ مَن رئيس مركز أن يحضَر إلى مكان ما. كل التلامذة يَعرفون، وبسُرَعةٍ فائقة، من المسؤول في المركز الذي سيُقدّمِون فيه امتحانَهم. أمّا الأسباب الأخرى فَتَعود إلى الناحية الاجتماعية. فاللبناني بطبيعتِه يحب الوجاهة!

ثمّ لا تَنسيْ دَوْرَ “السلطة الرابعة”! سأعطيكِ مثلاً كافِيًا وشافيًا لغَليل “المجلة التربوية”:

مركزx فيه 500  تلميذ. المراقبة جيدة  بنسبة 80  % جيّدَة . فإذا حَصَلَ خطأ بسيط في غرفة y ( سببه القرابة مع أحَد التلامذة الذي يدّعي أن المسابقة صعبة جدًا ومن خارج المنهج ). تقوم قيامة “صاحبة الجلالة”، وتُطالعنا الصحف بِعَناوين ومنشيتات، ونَقرأ:
" مجزَرَة الامتحانات!”
" عمليات غِشّ!”...الخ
وما أشبه ذلِك من العناوين المُلْفِتة للقارىء. والهدف “بيع الصحيفة! أو مقابل حَفْنة من الدراهم!”. لا يجوز. هذا غير مُنصِف! وليس بهكذا أسلوب، تُسْهِمُ وسائل الإعلام بِدَعْم الامتحانات الرسمية. إنّها فعلاً أمراضٌ مستعصية في أوساط معيّنة.


س. هل استطعتم مَكْنَنَة كل ما يتعلَّق ببطاقات المرشَّحين وإصدار النتائج (على سبيل المثال لا الحصر؟)
ج . جيد ! ال Système . جّيَد. أَجريَْنا التجربة هذه السنة وبالتعاون مع المركز التربوي للبحوث والإنماء. والمركز يُسَاعدنا منذ سنوات طويلة تمتد على ثلاثين سنة تقريبًا وله منا الشكر والتقدير. فهو الذي يقوم يعمليات الطِباعة. ونحن نتقدّمَ معًا بِخُطًى ثابِتة! والنتائج تُعْلَن على الموقِع الإلكتروني لِوزارة التربية والتعليم العالي. وهذا أمرٌ جيّد . ولكن يجب أن نعترفِ بأنّنَا حَمّلَنا  هذا ال Système الذي اشترَتْه الوِزارة أعباءً كان بإمكاننا الاستغناء عَنها كي لا نَقَع في أخطاء، ولو كانت هذه الأخطاء من الأمور الطبيعية. مثلاً: أن نجمَع عَدد المسابَقات التي  صَحّحَها مُعَلّمِ ما وكَم من المال قبَض. وعندما ظَهرت الأخطاء حاولنا إعادَة النظر بُغْيَةَ تصحيحها فلم ننجح ! أما السَبب فَيَعود إلى عَدَمْ توافر  المال والتِقنية. ومّمِا زاد َفي تعقيد الأمور هو أن العَقْد مع الشَرِكة قد انتهى ونحن بحاجة إلى المال لتجديده. وهذا ما أجْبَرنا على إيقاف كل  شيء هذه السنة بانتظار الفرَج!!

س. التصحيح هو من أهم مراحل الامتحانات الرسميّةَ. فما هي الصفات التي يجب أن يتحلّى بها أعضاء اللجان الفاحِصَة وكيْفَ يتمّ اختيارُهم؟

ج. الكفاءة، الخِبرَة والأمانَة . ولكن منْ يزِنْ؟ بصراحَة الاختيار كَيفي، ولا تتوافَر دائمًا شروط النوعيّةَ. كما أنّ المعلّمِ الكفوء لا يتقدّمَ دائمًا بطلب التصحيح وذلك لأسباب صحيّة أو اجتماعية أو عائلية. وهذه أمور يجب أن تؤخَذ بِعين الاعتبار. الامتحان، والقانون، والمكنَنَة،  والتطوُّر... وُجِدَت لخدمة الإنسان والعكس غيرُ صَحيح!

س. ما هي الآلية المعتمدة لتغذية بنك الأسئلة؟وهل تستفيد منه اللجان الفاحِصة؟

ج. الخطوات جادّة، ثابتِة، مُنظّمة، ومدروسَة. فكل لجنة سَتُقدّمِ 6 مسابَقات جاهزة وبشكلِها النهائي للطباعة. عنَيتُ بذلِك أن لجان الامتحانات ستُشكّل من معلّمِين في المدارس الرسميَّة والخاصة ولِمنْ يَرغَب! وهذا ما ينعكس  إيجابًا على مَسْألَة تشكيل اللجان. فَمنْ يقدّمِ مُسابقة جيدة لبنك الأسئلة، يسَْتحِق أن يكون من أعضاء اللجان الفاحِصة.

س. ما هي الإرشَادات والتمنيات التي تَوَدون تقديمها لقراء “المجلة التربوية” وغالبيتهم من المعنيين بالامتحانات الرسميّة؟.

ج. على كل فرد من أفراد العائلة التربوية اللبنانية، أيّاً يكن حَجم أو مستوى عَمَله، أن يُساعد ويُسْهم في تحسين الوَضع التربوي. ثُمّ عليه ألاّ يكون بخيلاً وأنانيًا. يجب أن يكون، قلب الموظف، صاحب الخبرة الطويلة، متّسِعًا للحُب والخدمة والبذل والعطاء، فيساعِد من هم لا يَزالون في عُمر الشباب! وفي هذا المجال، كم من شباب في مجتمَعِنا اللبناني، هم عجائز! وكم من متقاعدين هم شباب بالعقل والخِبرة والطموح!؟ كما أن للتخطيط أهميّةَ كبيرة. و “الرأس المدبّر” الذي خَطّطَ لمشروع  ٍتربَوي ما، لا يجوز أن يُلغى هذا المشروع، عند إنهاء خدَماته!

نَصيحتي إلى أهل القرار في عالَم التربية بأن يستعينوا بالمتقاعِدين ( موظفين إداريين أو أكاديميين ) أصحاب التاريخ الطويل في خِدمة التربية. واسمحوا لي أن أسمي الاستاذ نزار غَريب والاستاذ مُفيد السكاف وغَيرِهِم... لا مَجال لذِكر كل الأسماء، ولكن علينا الإفادة من خُبراتهم.
التسليم والتسَلُّم بِدعَة! أنا من المؤمنين بتراكُميّة الخُبرات. وعلى الرؤساء أن يدرسوا ليس فقط القانون، بل فلسفة القانون والتخطيط. فالقانون نصٌ جامدٌ، وصاحِب الخبرة وحدَه يعرِف كيف يتعامل مع القوانين ويضعها في خِدمة الإنسان وفي خدمة التربية.
أخيرًا لا يجب أن ننسى بأن الحرب تركت بَصَماتها السَوداء على التربية والتربَويين، ولكن علينا بتضافُر جهود الجميع في وزارة التربية والتعليم العالي، وفي المركز التربوي للبحوث والإنماء، أن نُزيلَ هذه البَصمات. إنّه، مع الأسف، أمرٌ واقِع، ولكن يجب علينا الأّ نَدَعَهُ يَستَمِرّ. فنخرُج معًا مِن زَواريب “الترقيع التربوي” الضيِّقة إلى رِحابِ التخطيط التربوي  الواسعة
! .

لاستاذ حسان ملك يجيب عن اسئلة المجلة التربوية

الامتحانات الرسمية

الامتحانات الرسمية

صورة الاستاذ حسان ملكشعار الوزارة التربية

 

 

الأستاذ حسّان مَلَك، من مَواليد كترمايا ( الشوف، إقليم الخروب ). عُيّنِ أستاذًا للتعليم الثانوي بتاريخ 1971/10/13. كُلّفِ بإدارة الامتحانات الرسميّةَ بتاريخ . 1992/10/12, وأصبَحَ أصيلاً بعد أن نَجَح في الدورة التدريبية الخاصة الّتي أجراها مَجْلِس الخِدمة المدنية ل (رؤساء دوائر) في 20 حزيران 2001 . يحمل إجازة في الآداب والجغرافيا من جامعة بيروت العربية. شارك  بمؤتمرات عربية وأجنبية لها علاقة بالامتحانات الرسميّةَ، ومنها امتحانات ذَوي الاحتياجات الخاصة.

 

 

أَلّفَ كتبًا تربوية عدّةَ، من أبرزها: “الأسطوانة الجغرافية”.

الامتحان هو ساعة الرهبة كأنّها ساعة الحساب، أكانت محصورة بالاختبارات الشهرية أم الفصلية أم الامتحانات الرسميّةَ، ذلك لأنّها لا تزال مَصْدَرَ التوتر وشَدّ الأعصاب عند التلامذة، ونحن نَطمحُ لأن يكون الامتحان هادئًا بسيطًا ومعبراً. فيأتي مُنصِفًا ويساعد التلميذ على اكتشاف قُدراته استنادًا إلى تحصيله الدراسي بحيث تأتي النتيجة على قاعدة أن يكون التلميذ مكرَّمًا وليس مُهانًا. فَتُصبِحُ دعوتنا لتلامذتنا إلى الامتحانات الرسميّةَ، وبخاصة امتحانات شهادة الثانوية العامة، بمثابة دعوة يُقبلون عليها بسرور وفَرَح. الامتحان ليس محاكمة! ولا يجب أن يَشعُرَ التلامذة أنهم في قفص الاتهام. ومن واجبنا كتربويين ومعلّمِين إزالة الخوف والتوتر من نفوسِهم. المسابقات ليست “حزازير” بل اختبار لمعرفة اكتسبها التلميذ على مقاعد الدراسة خلال سنين طوال. وهذا ما يسعى إليه المركز التربوي للبحوث والإنماء، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي من خلال المديرية العامة للتربية بمختلف وحداتها وبخاصة دائرة الامتحانات الرسميّةَ.

لِذا قَصَدَت “المجلة التربوية” رئيس الدائرة المختصَّة الأستاذ حَسّان مَلَك، قُبَيلَ إحالتِه على التقاعد، وحاوَرته حول مسألة الامتحانات وبخاصة مسألة الأعمال اللوجستية، فاستقبلنا على الرحب والسِعَة، مجيبًا عن أسئلتنا بعفوية وبساطة.

إنّه الرجل المناسب في المكان المناسب. يتمتع بخبرة عالية في مجال إدارة الامتحانات الرسميّةَ وينطلِق من الواقِع اللبناني ليمسك بزمام الأمور. كما أَنّه يتميّزَ بِصَراحة وعفوية كبيرَتَيْن. نتمنى أن يُستَفادَ من خُبُراتِهِ الطويلة في السنوات المقبلة، وأن يحفظه الله بصحة جيدة •

١- المجلًّة التّربويّة: منذ متى تولّيتم إدارة الامتحانات الرّسميّة؟

الاستاذ حسّان مَلَك: الدورة الثانية عام 1992

٢- س. رئاسة دائرة الامتحانات مهمّة صعبة وشاقة. ما هي الصّفات الّتي يجب أن يتحلّى بها رئيس دائرة الامتحانات؟
ج. تمرّ الامتحانات الرّسميّة بمراحل عديدة: قبول الطَلبات، تأمين المستلزمات اللّوجستيّة ( مناقصات، استدراجات عروض، تجهيزات مرورًا بالتحضيرات العملانيّة وصولا إلى التصحيح وإعلان النَتائج.

ولكن بصراحة، سؤالِكِ فيه شيء من المبالغة! أعمال الامتحانات ليست شاقّةَ، بخاصّة إذا ارتبطت بروزنامة عَمل مُعَدّةَ مُسبقًا. لذا تُصبحُ الصعوبة غير ذات أهمية مقارنةً بعمليّة تنفيذ المراحل. والخِبرة هي من أهمّ صِفات رئيس الدائرة. كما يجب على من يتولّى هذه المهمّةَ الّتي تَعني الوطن كلّ الوطن. أن يكون قَد مرَّ بكلّ المراحل، وقد توقّفََ عندَ كلّ المحطّات، أو على الأقل معظمها، كان قد اعتاد على مواجهة كل المشكلات وحلّها.

بدأتُ مُراقِب غُرفة عام 1977 . ثمّ مُراقِبًا عامًا، رئيس مَركز، مُصَحّحِاً، مُدَققًِا، فرئيس َلجنة. كما أَسْهَمْتُ بتنظيم الأعمال اللّوجستيّة.

الصّعوبة تَكْمُن في التّسَلْسُليّةَ والبَرْمَجة والتّنظيم. فعلى رئيس الدائرة أن يستنتج أو بالأحرى أن يكون  مُستَعِدّاً لمواجهةِ المشاكل الّتي قد تعْتَرضُه بصورة مفاجئة! أو ما يمكن أن نُسمّيه: “ حالات الطوارئ” كانقطاع التيّار الكهربائي مثلاً. عليه أن يجد الحلول بِسُرعَةٍ فائقة! فالامتحانات لا تَحْتَمِل الخطأ أو التأجيل.

من جهة أخرى عليه أن يتَمَتّعَ بالقُدْرَةِ على احترام الوقت وتنفيذ الأعمال المطلوبة في الوقتِ نفسِه، وهي كثيرة ومتنوعة، كتأمين البديل في حال الغِياب أو ما شابه ذلِك. فالتّأَجيل أمْرٌ غيرُ وارِد على الإِطلاق!

المجلّة التّربويّة : " طُلوع السلّم دَرْجَةٍ دَرْجة”!.
ج. تمامًا!

٣- س. الأعمال اللوجستيّة هي الرافعة الأساس للامتحانات! وقد صدرت عن المركز التّربوي للبحوث والإنماء (بالتعاون مع وزارة التربية والهيئة الوطنيّة لدعم المدرسة – الرسميّة)، توصيات مهمّة عام 2009 - 2010 . فهل استطعتم حلّ المشاكل المتعلّقة بمراكز الامتحانات؟

ج. عَدَد المدارس الرسميّةَ غير كافٍ، لذلِك نستَعين بالمدارِس الخاصّة بنسبة تَفوق ال 60 % تقريبًا. كما أنّنا لا نَتَوَقّفَ عند أمورٍ تافهة كالمكيّ فِ أو البرادي أو غير ذلك! نحن نختار المراكز الأفضل والأَنسَب للتلامذة وفاقًا لمعايير تؤمن سلامة الامتحانات والمرشَّحين في آنٍ معًا.


المجلّة التّربويّة: الأستاذ مَلَكْ يَسْتَرْسِل... يَتَكَلّمَ وكأنّهُ يريد أن “يُفْرِغ جعْبَتَهُ”. أمورٌ كثيرة تُشْغِلُ بالَهُ... لا ينتظِِر
السؤال. نَلْتَزِمُ الصَّمت. فَيُحَدّثُِنا عن شؤون وشُجون التدريب:


ج. المُعلّمِون يُشارِكون في الدَورات التدريبيّة. لكن غالبيّتهم لا يُطَبّقِ ما اكْتَسبََهُ لأن الدّاء يكمنُ في:

أ- عَدَم التّعَاون بين المتَدَرّ بِين والمدُرّبين.

ب- عدم المُتابَعة! فلا يوجد من يُراقِب أو يُحاسِب للتَأَكّد من عمليّة التَطبيق وهذا مؤسف!

٤- س. تَبدو متَشائِمًا؟
ج. لَسْتُ متفائلاً! أَشْعُرُ بِمَرارَة!
٥- س.لماذا؟
ج. الصّرِاعات في عالم التربية تُؤلِمنُي. لا يُمكننا أن ندفن رأسَنا في التُراب كالنّعامة!
لِنَكُن واقِعيّين. الأنانيّة التربويّة داءٌ خَبيث، يَفْتكُ بالجِسْمِ التربوي، يجب استئصالُهُ بِسُرعة وقبلَ فوات الأوان . مَنْ يُدرّبِ؟ منَْ يتابِع بعدَ التدريب؟ مَن يُطَبّقِ؟ أينَ دَور مديريّة التّعليم الابتدائي أو مديريّة التعليم الثانوي؟ ماذا عن الإرشاد والتَوجيه؟ لا تنقصهم الكفاءة أو الخِبرة. طبعًا. العلّةَ تكمُن في مَسْأَلَة التَنسيق في مابينهم. أقولُها من بابِ النَقد البنّاء وبمحبّة.


المجلّة التّربويّة: يبدو لنا أنّ النَقدَ من أجل النَقد ليس من شِيَمِك!
ج. أنتِ قلتِ! صَدّقِوني، وَحْدَه التّضامُن كفيلٌ بإنقاذ التربية. وبالتربية وحدها نبني معًا.


س. هل حُلّتَ العقد المتعلّقِة باختيار رؤساء المراكز والمراقبين؟
ج. التنظير سَهْل. واقِعْ لبنان صَعْب! وانتقاء رؤساء المراكز( مراكز الامتحانات) والمُراقبين العامّين والمُراقبين هو من صلاحيات المناطق التربويّة. أنا لا أعرف كل المعلّمين ومدى ثقافتهم. هذه مسؤوليّة رؤساء المناطق ّ. من جهة أخرى، الكمال لله ! من يَعْمَل يُخطئ “  .، والرجوع عن الخطأ فضيلة!” أمّا من لا يعمَل فكيف نريد أن يُخطئ؟؟ نحن بَشَر. لا يُمكن أن “تَجري الرِياح “ كما نتَمَنّى ومتى نشاء. لكنّنا نَصبو إلى الأفضل والأحسَن . نظريّةَ الوصول إلى الكَمال تَدحَضُ فِكرة التَطوّر. أَوَليسَ العالَم، وبخاصَّة عالم التربية، في تطوُّر دائم!؟


س. عفْوًا لمُقاطَعَتِكَ! ما الحَلْ أُستاذ مَلَكْ؟
ج. البَرمَجَة والتخطيط. ثُمّ العُنصُر البشري ومحاوَلَة إيجاد المال.


س. قدّمتم، خلال ورش العمل التي جَرت في المركز التربوي، عرضًا مُسْهَبًا يَتعلَّق بالتّعويضات الماليّة للمراقبين، والمشاكل الإداريّة مع
المُصَحِّحين، وطَلَبات التَرشيح وغيرها من الأمور التي تُسهِمُ في إِنجاح الامتحانات. فهل استطعتُم إيجاد الحلول لهذه المشاكل؟


ج. التعويضات مُنْصِفة إلى حدّ كبير، مقارنةً بِدُوَلِ العالَم. هي أيضًا عادِلة بين المَواد. نعم توجد مشاكل على صعيد المصَحّحين:
-1 ليس من آليّة للتَصحيح. علينا إيجاد هذه الآليّة، والمصححِون بحاجة إلى تدريب وفاقًا للآلية المعتمدة. والمعلّمِ الذي يدرّ سِ في السنة الثالثة الثانوية، مثلاً، يجب أن يُصحِّح مُسابقات السنة الثالثة الثانوية. دائرة  الامتحانات الرسميّةَ تعاني من مشاكل على هذا الصعيد. والحَل الأفضل، بالنسبة لاختيار المصحِّحين هو باختيارهم من قِبل المديريات المعنيّةَ. (مديرية التعليم الثانوي والابتدائي). المركز التربوي للبحوث والإنماء ومديرية الإرشاد والتوجيه يمكنهما المشاركة في اختيارالمصحّحِين أيضًا.
كما أن دَور المقرّ رِين هام ٌجدًا. فالمُقرّرِ يعَرِف من هو المصحّحِ الكفوء!


أما بالنسبة لَطلبات الترشيح فالأمور تَسير على أحسن ما يُرام!.
ولا يجب أن ننسى بأن القضايا الإنسانية والوجدانية تلعب دَورًا كبيرًا على جميع الأصعِدة وبخاصة في لبنان!


2- لا توجد ضَوابِط للقانون! وانتقاء المُصَحّحِين يجب أن يتمّ على أساس هذا القانون. كما يجب على المعلّم الّذي يتقدّمَ بطلَبٍ للتَصحيح أن يتَمَتّعَ بخبرة سَنَتَين على الأقل! فَلْنَضَع الضَوابِط.

ولْنُطَبقِ القانون على الجميع بعَِدْلٍ وإِنْصاف.

- ماذا عن وضع المراقبة؟ وهل تتمكَّنون من ضَبْط عمليات الغِش؟

ج. أينَ نحنُ من “جمهورية أفلاطون”؟ أَتظنين أن لبنان هو “المدينة الفاضِلَة”؟
لبنان بلدٌ صغير والجميع يعرفون بعضهم بعضًا! نحن نعيش في قرية. والغِش موجود في كل دُوَل العالم. فإذا طَلبْتُ مَن رئيس مركز أن يحضَر إلى مكان ما. كل التلامذة يَعرفون، وبسُرَعةٍ فائقة، من المسؤول في المركز الذي سيُقدّمِون فيه امتحانَهم. أمّا الأسباب الأخرى فَتَعود إلى الناحية الاجتماعية. فاللبناني بطبيعتِه يحب الوجاهة!

ثمّ لا تَنسيْ دَوْرَ “السلطة الرابعة”! سأعطيكِ مثلاً كافِيًا وشافيًا لغَليل “المجلة التربوية”:

مركزx فيه 500  تلميذ. المراقبة جيدة  بنسبة 80  % جيّدَة . فإذا حَصَلَ خطأ بسيط في غرفة y ( سببه القرابة مع أحَد التلامذة الذي يدّعي أن المسابقة صعبة جدًا ومن خارج المنهج ). تقوم قيامة “صاحبة الجلالة”، وتُطالعنا الصحف بِعَناوين ومنشيتات، ونَقرأ:
" مجزَرَة الامتحانات!”
" عمليات غِشّ!”...الخ
وما أشبه ذلِك من العناوين المُلْفِتة للقارىء. والهدف “بيع الصحيفة! أو مقابل حَفْنة من الدراهم!”. لا يجوز. هذا غير مُنصِف! وليس بهكذا أسلوب، تُسْهِمُ وسائل الإعلام بِدَعْم الامتحانات الرسمية. إنّها فعلاً أمراضٌ مستعصية في أوساط معيّنة.


س. هل استطعتم مَكْنَنَة كل ما يتعلَّق ببطاقات المرشَّحين وإصدار النتائج (على سبيل المثال لا الحصر؟)
ج . جيد ! ال Système . جّيَد. أَجريَْنا التجربة هذه السنة وبالتعاون مع المركز التربوي للبحوث والإنماء. والمركز يُسَاعدنا منذ سنوات طويلة تمتد على ثلاثين سنة تقريبًا وله منا الشكر والتقدير. فهو الذي يقوم يعمليات الطِباعة. ونحن نتقدّمَ معًا بِخُطًى ثابِتة! والنتائج تُعْلَن على الموقِع الإلكتروني لِوزارة التربية والتعليم العالي. وهذا أمرٌ جيّد . ولكن يجب أن نعترفِ بأنّنَا حَمّلَنا  هذا ال Système الذي اشترَتْه الوِزارة أعباءً كان بإمكاننا الاستغناء عَنها كي لا نَقَع في أخطاء، ولو كانت هذه الأخطاء من الأمور الطبيعية. مثلاً: أن نجمَع عَدد المسابَقات التي  صَحّحَها مُعَلّمِ ما وكَم من المال قبَض. وعندما ظَهرت الأخطاء حاولنا إعادَة النظر بُغْيَةَ تصحيحها فلم ننجح ! أما السَبب فَيَعود إلى عَدَمْ توافر  المال والتِقنية. ومّمِا زاد َفي تعقيد الأمور هو أن العَقْد مع الشَرِكة قد انتهى ونحن بحاجة إلى المال لتجديده. وهذا ما أجْبَرنا على إيقاف كل  شيء هذه السنة بانتظار الفرَج!!

س. التصحيح هو من أهم مراحل الامتحانات الرسميّةَ. فما هي الصفات التي يجب أن يتحلّى بها أعضاء اللجان الفاحِصَة وكيْفَ يتمّ اختيارُهم؟

ج. الكفاءة، الخِبرَة والأمانَة . ولكن منْ يزِنْ؟ بصراحَة الاختيار كَيفي، ولا تتوافَر دائمًا شروط النوعيّةَ. كما أنّ المعلّمِ الكفوء لا يتقدّمَ دائمًا بطلب التصحيح وذلك لأسباب صحيّة أو اجتماعية أو عائلية. وهذه أمور يجب أن تؤخَذ بِعين الاعتبار. الامتحان، والقانون، والمكنَنَة،  والتطوُّر... وُجِدَت لخدمة الإنسان والعكس غيرُ صَحيح!

س. ما هي الآلية المعتمدة لتغذية بنك الأسئلة؟وهل تستفيد منه اللجان الفاحِصة؟

ج. الخطوات جادّة، ثابتِة، مُنظّمة، ومدروسَة. فكل لجنة سَتُقدّمِ 6 مسابَقات جاهزة وبشكلِها النهائي للطباعة. عنَيتُ بذلِك أن لجان الامتحانات ستُشكّل من معلّمِين في المدارس الرسميَّة والخاصة ولِمنْ يَرغَب! وهذا ما ينعكس  إيجابًا على مَسْألَة تشكيل اللجان. فَمنْ يقدّمِ مُسابقة جيدة لبنك الأسئلة، يسَْتحِق أن يكون من أعضاء اللجان الفاحِصة.

س. ما هي الإرشَادات والتمنيات التي تَوَدون تقديمها لقراء “المجلة التربوية” وغالبيتهم من المعنيين بالامتحانات الرسميّة؟.

ج. على كل فرد من أفراد العائلة التربوية اللبنانية، أيّاً يكن حَجم أو مستوى عَمَله، أن يُساعد ويُسْهم في تحسين الوَضع التربوي. ثُمّ عليه ألاّ يكون بخيلاً وأنانيًا. يجب أن يكون، قلب الموظف، صاحب الخبرة الطويلة، متّسِعًا للحُب والخدمة والبذل والعطاء، فيساعِد من هم لا يَزالون في عُمر الشباب! وفي هذا المجال، كم من شباب في مجتمَعِنا اللبناني، هم عجائز! وكم من متقاعدين هم شباب بالعقل والخِبرة والطموح!؟ كما أن للتخطيط أهميّةَ كبيرة. و “الرأس المدبّر” الذي خَطّطَ لمشروع  ٍتربَوي ما، لا يجوز أن يُلغى هذا المشروع، عند إنهاء خدَماته!

نَصيحتي إلى أهل القرار في عالَم التربية بأن يستعينوا بالمتقاعِدين ( موظفين إداريين أو أكاديميين ) أصحاب التاريخ الطويل في خِدمة التربية. واسمحوا لي أن أسمي الاستاذ نزار غَريب والاستاذ مُفيد السكاف وغَيرِهِم... لا مَجال لذِكر كل الأسماء، ولكن علينا الإفادة من خُبراتهم.
التسليم والتسَلُّم بِدعَة! أنا من المؤمنين بتراكُميّة الخُبرات. وعلى الرؤساء أن يدرسوا ليس فقط القانون، بل فلسفة القانون والتخطيط. فالقانون نصٌ جامدٌ، وصاحِب الخبرة وحدَه يعرِف كيف يتعامل مع القوانين ويضعها في خِدمة الإنسان وفي خدمة التربية.
أخيرًا لا يجب أن ننسى بأن الحرب تركت بَصَماتها السَوداء على التربية والتربَويين، ولكن علينا بتضافُر جهود الجميع في وزارة التربية والتعليم العالي، وفي المركز التربوي للبحوث والإنماء، أن نُزيلَ هذه البَصمات. إنّه، مع الأسف، أمرٌ واقِع، ولكن يجب علينا الأّ نَدَعَهُ يَستَمِرّ. فنخرُج معًا مِن زَواريب “الترقيع التربوي” الضيِّقة إلى رِحابِ التخطيط التربوي  الواسعة
! .

لاستاذ حسان ملك يجيب عن اسئلة المجلة التربوية