تقييم المستوى اللّغويّ في امتحانات الشهادات الرسميّة

     بدايةً، لا يمكن التّعويل على التقييم النهائيّ للمستوى اللّغويّ في امتحانات الشهادات الرسمية، قبل البحث في إشكالية تطبيق المنهجية في الصفوف ما قبل المنتهية، والتعرّف إلى بعض المعوّقات، ثم البحث عن بعض الحلول التي قد تُسهم في تحسين المستوى اللّغويّ المنشود.

1- مرتكزات المنهجيّة وإشكالية تطبيقها:

     يُعتبر "المنهج" رؤية، أو نظرية تهدف إلى تعديل أو تغيير في بنية النظام التربويّ القديم، واستبداله بنظام تربويّ جديد، يواكب التطورات العلميّة والتحوّلات الاجتماعية.

     أمّا "المنهجية" فهي التطبيق العملي للمنهج، تندرج عبر إجراءات تنفيذية، تشمل الكثير من التقنيات والكفايات والمفاهيم التي تُسهم في طريقة تطبيقها وكيفية تقديمها وعرضها في مختلف المراحل التعلّمية.

     لذلك، ركّزت المنهجيّة، على سبيل المثال، على جعل "النصّ" منطلقًا للقراءة والفهم والاستيعاب والاستنباط والتطبيق.. وعلى جعل "التلميذ" محور العملية التربوية؛ فهو المقصد وهو الهدف، بغية بناء شخصيّته.. وكذلك ركّزت المنهجية على الانتقال من مفهوم "التلقين" إلى مفهوم "الإبداع الذاتي" الذي يعتمد على استعداد التلميذ ومدى اهتمامه.

     ولكن ما قرّرته المنهجية وسعت إلى تطبيقه شيء، والواقع الذي يعيشه التلميذ شيء آخر؛ وهذا ما يوحي بوجود إشكالية في تقييم المستوى اللّغويّ في امتحانات الشهادات الرسمية. وأبرز ما يعمّق هذه الإشكالية يتمحور حول المستوى اللّغويّ في الصفوف ما قبل المنتهية.

2- إشكالية المستوى اللّغويّ في الصفوف ما قبل المنتهية:

     تنطلق هذه الإشكالية من العناصر الآتية:

     أ- طبيعة التعامل مع النصوص وأسئلتها:

     اتّسم التعامل مع النصوص بالكميّة، وبمحاولة المعلِّم إنجاز المحاور المطلوبة في كتب القراءة، مع انتهاء العام الدراسيّ، وذلك على حساب النوعية، وعلى حساب إشباع التلميذ بالتدريب على تطبيق التقنيات والكفايات بشكل فعّال.

     فالنصوص، من حيث المبدأ، لا غبار عليها، إذ إن الجهود التي بذلها المؤلّفون في البحث عن النصّ المناسب للمحور المناسب، لا يُستهان بها، ولا يمكن التقليل من أهميتها.. ولكن ما يمكن ملاحظته هو وجود فجوة بين مرحلة تعلّميّة ومرحلة أخرى؛ ففي المرحلة المتوسطة، مثلًا، يتمّ التركيز على اللّغة والوظائف النحوية والبلاغية.. أمّا في المرحلة الثانوية فيتم التركيز على مفهوم الأدب والتحليل الأدبي، أمّا التطبيق اللّغويّ فيمرّ مرور الكرام، حيث يكتفي المعلّم بإعراب بعض المفردات... ورغم أنّ كتب الأدب العربي، إمّا مرفقة بكتاب "القواعد والبلاغة والعروض" وإمّا مرفقة بملحق، كما في آخر كتاب "الأدب العربي" للثانوي الثاني علمي... ورغم أن المؤلّفين أشاروا في مقدّمة كتاب الأدب إلى وجوب تعلّم اللغة إلى جانب مادة الأدب.. إلّا أن هناك قصورًا في تعليم الجانب اللّغويّ.

     وهنا لا بدّ من طرح بعض الأسئلة: "هل يوظّف المعلّمون فروع اللّغة المطلوبة من خلال النصوص التي يقرّرونها لتلامذتهم، أم أنهم يكتفون بقراءة النصّ قراءة عابرة ثم يشتغلون بقسم من الأسئلة المطروحة؟ هل يلجأون إلى إشباع ذاكرة التلميذ في ما يتعلق بالإعراب، والصور، والتراكيب، وتوظيف القواعد النحوية والبلاغية من خلال النصّ قبل الانتقال إلى الأسئلة؟

     أعتقد أن تقييم المستوى اللّغويّ في امتحانات الشهادات الرسمية ينطلق من الإجابة عن هذه الأسئلة. لأن جعل "النصّ" منطلقًا للقراءة والفهم، كما أشارت المنهجية، يقضي بتفعيل قراءته قراءة معّمقة.

     ب- طبيعة التعامل مع التعبير الكتابيّ:

     يجسّد التعبير الكتابيّ كلّ فروع اللّغة، ولكن كيف يجري التعامل مع هذا النوع في الصفوف ما قبل المنتهية؟

     التعبير الكتابيّ هو الحصيلة التي يتوّج بها التلميذ كلّ ما تعلّمه واكتسبه، وهو الدليل على مدى تمكّنه من "إنشاء نصّ متماسك" كما أشارت المنهجيّة.

     ولكن هل يجري العمل على تدريب التلميذ بشكلٍ فعّال، في الصفوف ما قبل المنتهية، ليكون التقييم النهائيّ على قدر ذلك التدريب؟ هناك عقبات كثيرة تحدّ من تمكّن التلميذ من كتابة تعبير سديد وجيّد، من ذلك مثلًا: - اعتماده على الأهل، أو على النقل والنسخ.. وعدم فعالية التصحيح داخل الصف...

     وانطلاقًا من هذه العقبات، في التعامل مع النصوص ومع التعبير الكتابيّ، في الصفوف ما قبل المنتهية، فكيف يستقيم تقييم المستوى اللّغويّ في امتحانات الشهادات الرسمية؟

3- تقييم المستوى اللّغويّ في امتحانات الشهادات الرسميّة:

     الكلّ يعلم أن تقييم المستوى اللّغويّ في مسابقات الامتحانات الرسمية يتمّ من خلال قسمين، هما:

     - القسم "أ" الذي يتعلّق بالإجابة عن أسئلة الفهم والتحليل والتطبيق.

     - القسم "ب" الذي يتعلّق بالتعبير الكتابيّ.

فكيف يجري تقييم كلٍّ من هذين القسمين؟

     أ- في تقييم النّصوص وأسئلتها:

     إنّ العلاقة بين النصّ وأسئلته علاقة جدليّة، لأن كثيرًا من الأسئلة تستوجب من التلميذ العودة إلى النصّ، ليتأكّد من السياق الذي يساعده في الإجابة.

     وبالعودة إلى أسئلة الامتحانات الأخيرة للعام الدراسيّ (2013)، في مسابقتي المتوسط والثانوي يمكن ملاحظة ما يلي:

     - التفاوت في عدد الأسئلة، حيث تراوحت في المتوسط ما بين (11 و12) سؤالًا، وفي الثانوي ما بين (6 و8) أسئلة.

     - التفاوت في الوقت المحدّد لكلّ مسابقة، ففي المتوسط (ساعتان) وفي الثانوي (ساعتان ونصف)، بما في ذلك التعبير الكتابيّ.

     والسؤال هنا: كيف يُعطى الوقت الأقلّ للأسئلة الأكثر عددًا، والوقت الأكبر للأسئلة الأقلّ عددًا؟

     وإذا ما عرفنا بأن هناك تشابهًا في حوالى سبعة أنواع من الأسئلة، ما بين مسابقتي المتوسط والثانوي (= الحقل المعجمي – شرح عبارة أو بيت شعر – تلخيص فقرة – تعريف بنوع النصّ أو نمطه – ضبط الحركات – وضع عنوان جديد وتسويغه – الإعراب..)، إذا ما عرفنا ذلك، فكيف يمكن إجراء تقييم حقيقيّ؟ أضف إلى ذلك صعوبة بعض الأسئلة في مسابقة الشهادة المتوسطة التي لا تتوازى مع مستوى تعلّم التلامذة، ولا مع مستوى أعمارهم، إذا ما قارنّا ذلك مع المستوى التعلّمي لتلامذة الشهادة الثانوية وخبرتهم. مثال ذلك أسئلة رقم (1 – 2 – 6 – 8 – 10 – 11 – 12)، وكلّها تحتاج إلى وقت وتفكير، بالنسبة إلى مستوى تلامذة المتوسّط (= نصّ "اتكل على نفسك" نموذجًا).

     ودليل ذلك، سؤال ضبط الحركات، على سبيل المثال والمقارنة، ففي هذا السؤال، في مسابقة الشهادة المتوسطة، جاء عدد الكلمات المطلوب ضبط أواخرها بالحركات المناسبة (22) كلمة، والعلامة المحدّدة لهذا السؤال (3 علامات)، وهذا ما يسهِّل احتساب العلامة.. بينما السؤال نفسه فى إحدى مسابقات الثانوية العامة، حيث جاء عدد الكلمات (81) كلمة، والعلامة المحدّدة (علامة ونصف)، وهذا ما يعقّد احتساب توزيع العلامة وتقديرها من قِبل المصحّح. وقس على ذلك في بقية الأسئلة.

     ب- في تقييم التعبير الكتابيّ:

     إذا ما تتبّعنا "معايير التصحيح" و "معايير الإجابة" في التعبير الكتابيّ لمسابقة الشهادة المتوسطة، في نصّ "اتَّكل على نفسك" مثلًا، فيمكن ملاحظة ما يلي:

     - ورود كلمة "مشوّقًا" في المعايير، وعدم ورودها في الموضوع المعطى.

     - ورود خمسة أفكار متسلسلة في المعايير، وعدم الإشارة إلى عناصر القصّة التي تدرّب عليها التلميذ.

     - إغفال الإشارة في المعايير إلى الأنماط الثلاثة التي وردت في الموضوع المعطى (الوصف والسرد والحوار).

     - التفاوت في تقدير علامة التعبير بين مصحّح وآخر تفاوتًا كبيرًا أحيانًا.

     وإذا ما علمنا أنّ تقييم التعبير الكتابيّ يرتكز أساسًا على جودة الأداء عند التلميذ لكلّ مستويات اللّغة، وعلى تقدير العلامة التي لها التأثير الكبير على ارتفاع أو تدني نسبة النجاح.. فإنّ العودة إلى المستوى التعلّمي لتلامذة الشهادات الرسمية، وللصفوف ما قبل المنتهية، تبدو ضروريّة لتقويم ما يجري.. وذلك بغية تفعيل مادة التعبير.. ومن هنا يستمد التقييم جدّيته، وإلّا فإنه يبدو بمثابة قصاص للتلميذ. مع الأخذ بعين الاعتبار بعض المعوّقات التي تشلّ قدرة التلميذ على العطاء والتجاوب، والتي لا علاقة للجان التقييم والتصحيح بها، والتي يمكن الإشارة إلى بعضها باختصار، للعمل على معالجتها بقدر الإمكان.

     4- بعض معوّقات التقييم:

     أ- هدر الوقت المحدّد للمسابقات:

     يلاحظ المصحّحون أن التلميذ يهدر ما يزيد على ثلثي الوقت المحدّد للمسابقة على الإجابة عن الأسئلة، ما بين قراءة النصّ، والأسئلة، والتفكير في الجواب وصوغه، والتلفّت وتبادل الإشارات... ولا ينتبه للتعبير الكتابيّ إلّا بعد أن يذكّره المراقب بما تبقى من وقت. وهنا يدخل في المجهول والفوضى والتسرّع، فتأتي كتابته للتعبير هشة ضعيفة.

     ب- الفراغ الثقافيّ اللّغويّ:

     كلّنا يعلم أن التلامذة ابتعدوا عن المطالعة، وغرِقوا حتى آذانهم في محيط وسائل التواصل الاجتماعيّ والشاشات الصغيرة، ما ينتج من ذلك فراغ ثقافيّ لغويّ، خصوصًا وأن الرسائل تكتب بلغة عامية مكسّرة، أو بحروف إنكليزية أو لاتينية.. ما ينسيهم لغتهم الفصحى والتعثّر في كتابتها.

     5- مقترحات عملية:

     أؤكّد على صفة "العملية" للإشارة إلى أنّ هذه المقترحات قابلة للتنفيذ، ومنها:

     أ- زيادة حصص تدريس مادة اللّغة العربية؛ فتكون لكلّ من الحلقتين، الأولى والثانية، عشر حصص أسبوعيًّا – وللحلقة الثالثة ثماني حصص – وللمرحلة الثانوية، سبع حصص للفروع الأدبية والإنسانيات، وخمس حصص للفروع العلمية.

     ب- تفعيل قراءة النص داخلّ الصف:

     ينطلق هذا التفعيل من القراءة الكليّة السليمة للنّص أولًا، ثم القراءة الفقريّة؛ بحيث لا ينتقل المعلّم من فقرة إلى أخرى، إلا بعد تحليلها وفهم ما فيها من تقنيات وكفايات؛ تبدأ في البحث عن سبب ضبط الحركات، وفهم المعاني التضمينية، وإعراب المفردات والجمل، والتعرّف إلى الصور والمحسّنات، ومعرفة أنواع التراكيب وما فيها من تقديم وتأخير، وطول وإيجاز.. وهكذا حتى تنتهي قراءة النصّ.

ﺠ- المطالعة الجادّة والمنتجة:

     حدّدت المنهجية كتابًا في الثقافة العالمية، للمطالعة لكلّ صف من الصفوف الثانوية، وألزمت التلامذة بقراءتها من خلال تحديد علامة لها.. ولم تفعل ذلك في المتوسّط، فهل يفعل القيّمون على المنهجية؟

     د- إعادة النظر في المدة المحدّدة للمسابقات:

     يمكن الفصل بين قسمي "أ" المتعلّق بالأسئلة، و"ب" المتعلّق بالتعبير؛ فيحدّد ساعة ونصف لقسم "أ"، وساعة لقسم "ب" وإجراء امتحان في كلّ قسم منفصلًا عن الآخر، ثم يتم ضمّ الورقتين بشكل ثابت ومتين.وهذا مقترح مهم لٳعطاء كلّ قسم حقّه من الوقت ودقّة الٳجابة.

   وختامًا، أجد أن هذه المقترحات، مع تفعيل قراءة النصوص قبل الامتحانات النهائية، مع تضامن جهود الجميع، قد يسهم في حلّ إشكالية المستوى اللّغوي، وفي صدقية التقييم وجديته، قبل أن تتحوّل الأمور إلى مشكلة قد يصعب 

تقييم المستوى اللّغويّ في امتحانات الشهادات الرسميّة

     بدايةً، لا يمكن التّعويل على التقييم النهائيّ للمستوى اللّغويّ في امتحانات الشهادات الرسمية، قبل البحث في إشكالية تطبيق المنهجية في الصفوف ما قبل المنتهية، والتعرّف إلى بعض المعوّقات، ثم البحث عن بعض الحلول التي قد تُسهم في تحسين المستوى اللّغويّ المنشود.

1- مرتكزات المنهجيّة وإشكالية تطبيقها:

     يُعتبر "المنهج" رؤية، أو نظرية تهدف إلى تعديل أو تغيير في بنية النظام التربويّ القديم، واستبداله بنظام تربويّ جديد، يواكب التطورات العلميّة والتحوّلات الاجتماعية.

     أمّا "المنهجية" فهي التطبيق العملي للمنهج، تندرج عبر إجراءات تنفيذية، تشمل الكثير من التقنيات والكفايات والمفاهيم التي تُسهم في طريقة تطبيقها وكيفية تقديمها وعرضها في مختلف المراحل التعلّمية.

     لذلك، ركّزت المنهجيّة، على سبيل المثال، على جعل "النصّ" منطلقًا للقراءة والفهم والاستيعاب والاستنباط والتطبيق.. وعلى جعل "التلميذ" محور العملية التربوية؛ فهو المقصد وهو الهدف، بغية بناء شخصيّته.. وكذلك ركّزت المنهجية على الانتقال من مفهوم "التلقين" إلى مفهوم "الإبداع الذاتي" الذي يعتمد على استعداد التلميذ ومدى اهتمامه.

     ولكن ما قرّرته المنهجية وسعت إلى تطبيقه شيء، والواقع الذي يعيشه التلميذ شيء آخر؛ وهذا ما يوحي بوجود إشكالية في تقييم المستوى اللّغويّ في امتحانات الشهادات الرسمية. وأبرز ما يعمّق هذه الإشكالية يتمحور حول المستوى اللّغويّ في الصفوف ما قبل المنتهية.

2- إشكالية المستوى اللّغويّ في الصفوف ما قبل المنتهية:

     تنطلق هذه الإشكالية من العناصر الآتية:

     أ- طبيعة التعامل مع النصوص وأسئلتها:

     اتّسم التعامل مع النصوص بالكميّة، وبمحاولة المعلِّم إنجاز المحاور المطلوبة في كتب القراءة، مع انتهاء العام الدراسيّ، وذلك على حساب النوعية، وعلى حساب إشباع التلميذ بالتدريب على تطبيق التقنيات والكفايات بشكل فعّال.

     فالنصوص، من حيث المبدأ، لا غبار عليها، إذ إن الجهود التي بذلها المؤلّفون في البحث عن النصّ المناسب للمحور المناسب، لا يُستهان بها، ولا يمكن التقليل من أهميتها.. ولكن ما يمكن ملاحظته هو وجود فجوة بين مرحلة تعلّميّة ومرحلة أخرى؛ ففي المرحلة المتوسطة، مثلًا، يتمّ التركيز على اللّغة والوظائف النحوية والبلاغية.. أمّا في المرحلة الثانوية فيتم التركيز على مفهوم الأدب والتحليل الأدبي، أمّا التطبيق اللّغويّ فيمرّ مرور الكرام، حيث يكتفي المعلّم بإعراب بعض المفردات... ورغم أنّ كتب الأدب العربي، إمّا مرفقة بكتاب "القواعد والبلاغة والعروض" وإمّا مرفقة بملحق، كما في آخر كتاب "الأدب العربي" للثانوي الثاني علمي... ورغم أن المؤلّفين أشاروا في مقدّمة كتاب الأدب إلى وجوب تعلّم اللغة إلى جانب مادة الأدب.. إلّا أن هناك قصورًا في تعليم الجانب اللّغويّ.

     وهنا لا بدّ من طرح بعض الأسئلة: "هل يوظّف المعلّمون فروع اللّغة المطلوبة من خلال النصوص التي يقرّرونها لتلامذتهم، أم أنهم يكتفون بقراءة النصّ قراءة عابرة ثم يشتغلون بقسم من الأسئلة المطروحة؟ هل يلجأون إلى إشباع ذاكرة التلميذ في ما يتعلق بالإعراب، والصور، والتراكيب، وتوظيف القواعد النحوية والبلاغية من خلال النصّ قبل الانتقال إلى الأسئلة؟

     أعتقد أن تقييم المستوى اللّغويّ في امتحانات الشهادات الرسمية ينطلق من الإجابة عن هذه الأسئلة. لأن جعل "النصّ" منطلقًا للقراءة والفهم، كما أشارت المنهجية، يقضي بتفعيل قراءته قراءة معّمقة.

     ب- طبيعة التعامل مع التعبير الكتابيّ:

     يجسّد التعبير الكتابيّ كلّ فروع اللّغة، ولكن كيف يجري التعامل مع هذا النوع في الصفوف ما قبل المنتهية؟

     التعبير الكتابيّ هو الحصيلة التي يتوّج بها التلميذ كلّ ما تعلّمه واكتسبه، وهو الدليل على مدى تمكّنه من "إنشاء نصّ متماسك" كما أشارت المنهجيّة.

     ولكن هل يجري العمل على تدريب التلميذ بشكلٍ فعّال، في الصفوف ما قبل المنتهية، ليكون التقييم النهائيّ على قدر ذلك التدريب؟ هناك عقبات كثيرة تحدّ من تمكّن التلميذ من كتابة تعبير سديد وجيّد، من ذلك مثلًا: - اعتماده على الأهل، أو على النقل والنسخ.. وعدم فعالية التصحيح داخل الصف...

     وانطلاقًا من هذه العقبات، في التعامل مع النصوص ومع التعبير الكتابيّ، في الصفوف ما قبل المنتهية، فكيف يستقيم تقييم المستوى اللّغويّ في امتحانات الشهادات الرسمية؟

3- تقييم المستوى اللّغويّ في امتحانات الشهادات الرسميّة:

     الكلّ يعلم أن تقييم المستوى اللّغويّ في مسابقات الامتحانات الرسمية يتمّ من خلال قسمين، هما:

     - القسم "أ" الذي يتعلّق بالإجابة عن أسئلة الفهم والتحليل والتطبيق.

     - القسم "ب" الذي يتعلّق بالتعبير الكتابيّ.

فكيف يجري تقييم كلٍّ من هذين القسمين؟

     أ- في تقييم النّصوص وأسئلتها:

     إنّ العلاقة بين النصّ وأسئلته علاقة جدليّة، لأن كثيرًا من الأسئلة تستوجب من التلميذ العودة إلى النصّ، ليتأكّد من السياق الذي يساعده في الإجابة.

     وبالعودة إلى أسئلة الامتحانات الأخيرة للعام الدراسيّ (2013)، في مسابقتي المتوسط والثانوي يمكن ملاحظة ما يلي:

     - التفاوت في عدد الأسئلة، حيث تراوحت في المتوسط ما بين (11 و12) سؤالًا، وفي الثانوي ما بين (6 و8) أسئلة.

     - التفاوت في الوقت المحدّد لكلّ مسابقة، ففي المتوسط (ساعتان) وفي الثانوي (ساعتان ونصف)، بما في ذلك التعبير الكتابيّ.

     والسؤال هنا: كيف يُعطى الوقت الأقلّ للأسئلة الأكثر عددًا، والوقت الأكبر للأسئلة الأقلّ عددًا؟

     وإذا ما عرفنا بأن هناك تشابهًا في حوالى سبعة أنواع من الأسئلة، ما بين مسابقتي المتوسط والثانوي (= الحقل المعجمي – شرح عبارة أو بيت شعر – تلخيص فقرة – تعريف بنوع النصّ أو نمطه – ضبط الحركات – وضع عنوان جديد وتسويغه – الإعراب..)، إذا ما عرفنا ذلك، فكيف يمكن إجراء تقييم حقيقيّ؟ أضف إلى ذلك صعوبة بعض الأسئلة في مسابقة الشهادة المتوسطة التي لا تتوازى مع مستوى تعلّم التلامذة، ولا مع مستوى أعمارهم، إذا ما قارنّا ذلك مع المستوى التعلّمي لتلامذة الشهادة الثانوية وخبرتهم. مثال ذلك أسئلة رقم (1 – 2 – 6 – 8 – 10 – 11 – 12)، وكلّها تحتاج إلى وقت وتفكير، بالنسبة إلى مستوى تلامذة المتوسّط (= نصّ "اتكل على نفسك" نموذجًا).

     ودليل ذلك، سؤال ضبط الحركات، على سبيل المثال والمقارنة، ففي هذا السؤال، في مسابقة الشهادة المتوسطة، جاء عدد الكلمات المطلوب ضبط أواخرها بالحركات المناسبة (22) كلمة، والعلامة المحدّدة لهذا السؤال (3 علامات)، وهذا ما يسهِّل احتساب العلامة.. بينما السؤال نفسه فى إحدى مسابقات الثانوية العامة، حيث جاء عدد الكلمات (81) كلمة، والعلامة المحدّدة (علامة ونصف)، وهذا ما يعقّد احتساب توزيع العلامة وتقديرها من قِبل المصحّح. وقس على ذلك في بقية الأسئلة.

     ب- في تقييم التعبير الكتابيّ:

     إذا ما تتبّعنا "معايير التصحيح" و "معايير الإجابة" في التعبير الكتابيّ لمسابقة الشهادة المتوسطة، في نصّ "اتَّكل على نفسك" مثلًا، فيمكن ملاحظة ما يلي:

     - ورود كلمة "مشوّقًا" في المعايير، وعدم ورودها في الموضوع المعطى.

     - ورود خمسة أفكار متسلسلة في المعايير، وعدم الإشارة إلى عناصر القصّة التي تدرّب عليها التلميذ.

     - إغفال الإشارة في المعايير إلى الأنماط الثلاثة التي وردت في الموضوع المعطى (الوصف والسرد والحوار).

     - التفاوت في تقدير علامة التعبير بين مصحّح وآخر تفاوتًا كبيرًا أحيانًا.

     وإذا ما علمنا أنّ تقييم التعبير الكتابيّ يرتكز أساسًا على جودة الأداء عند التلميذ لكلّ مستويات اللّغة، وعلى تقدير العلامة التي لها التأثير الكبير على ارتفاع أو تدني نسبة النجاح.. فإنّ العودة إلى المستوى التعلّمي لتلامذة الشهادات الرسمية، وللصفوف ما قبل المنتهية، تبدو ضروريّة لتقويم ما يجري.. وذلك بغية تفعيل مادة التعبير.. ومن هنا يستمد التقييم جدّيته، وإلّا فإنه يبدو بمثابة قصاص للتلميذ. مع الأخذ بعين الاعتبار بعض المعوّقات التي تشلّ قدرة التلميذ على العطاء والتجاوب، والتي لا علاقة للجان التقييم والتصحيح بها، والتي يمكن الإشارة إلى بعضها باختصار، للعمل على معالجتها بقدر الإمكان.

     4- بعض معوّقات التقييم:

     أ- هدر الوقت المحدّد للمسابقات:

     يلاحظ المصحّحون أن التلميذ يهدر ما يزيد على ثلثي الوقت المحدّد للمسابقة على الإجابة عن الأسئلة، ما بين قراءة النصّ، والأسئلة، والتفكير في الجواب وصوغه، والتلفّت وتبادل الإشارات... ولا ينتبه للتعبير الكتابيّ إلّا بعد أن يذكّره المراقب بما تبقى من وقت. وهنا يدخل في المجهول والفوضى والتسرّع، فتأتي كتابته للتعبير هشة ضعيفة.

     ب- الفراغ الثقافيّ اللّغويّ:

     كلّنا يعلم أن التلامذة ابتعدوا عن المطالعة، وغرِقوا حتى آذانهم في محيط وسائل التواصل الاجتماعيّ والشاشات الصغيرة، ما ينتج من ذلك فراغ ثقافيّ لغويّ، خصوصًا وأن الرسائل تكتب بلغة عامية مكسّرة، أو بحروف إنكليزية أو لاتينية.. ما ينسيهم لغتهم الفصحى والتعثّر في كتابتها.

     5- مقترحات عملية:

     أؤكّد على صفة "العملية" للإشارة إلى أنّ هذه المقترحات قابلة للتنفيذ، ومنها:

     أ- زيادة حصص تدريس مادة اللّغة العربية؛ فتكون لكلّ من الحلقتين، الأولى والثانية، عشر حصص أسبوعيًّا – وللحلقة الثالثة ثماني حصص – وللمرحلة الثانوية، سبع حصص للفروع الأدبية والإنسانيات، وخمس حصص للفروع العلمية.

     ب- تفعيل قراءة النص داخلّ الصف:

     ينطلق هذا التفعيل من القراءة الكليّة السليمة للنّص أولًا، ثم القراءة الفقريّة؛ بحيث لا ينتقل المعلّم من فقرة إلى أخرى، إلا بعد تحليلها وفهم ما فيها من تقنيات وكفايات؛ تبدأ في البحث عن سبب ضبط الحركات، وفهم المعاني التضمينية، وإعراب المفردات والجمل، والتعرّف إلى الصور والمحسّنات، ومعرفة أنواع التراكيب وما فيها من تقديم وتأخير، وطول وإيجاز.. وهكذا حتى تنتهي قراءة النصّ.

ﺠ- المطالعة الجادّة والمنتجة:

     حدّدت المنهجية كتابًا في الثقافة العالمية، للمطالعة لكلّ صف من الصفوف الثانوية، وألزمت التلامذة بقراءتها من خلال تحديد علامة لها.. ولم تفعل ذلك في المتوسّط، فهل يفعل القيّمون على المنهجية؟

     د- إعادة النظر في المدة المحدّدة للمسابقات:

     يمكن الفصل بين قسمي "أ" المتعلّق بالأسئلة، و"ب" المتعلّق بالتعبير؛ فيحدّد ساعة ونصف لقسم "أ"، وساعة لقسم "ب" وإجراء امتحان في كلّ قسم منفصلًا عن الآخر، ثم يتم ضمّ الورقتين بشكل ثابت ومتين.وهذا مقترح مهم لٳعطاء كلّ قسم حقّه من الوقت ودقّة الٳجابة.

   وختامًا، أجد أن هذه المقترحات، مع تفعيل قراءة النصوص قبل الامتحانات النهائية، مع تضامن جهود الجميع، قد يسهم في حلّ إشكالية المستوى اللّغوي، وفي صدقية التقييم وجديته، قبل أن تتحوّل الأمور إلى مشكلة قد يصعب 

تقييم المستوى اللّغويّ في امتحانات الشهادات الرسميّة

     بدايةً، لا يمكن التّعويل على التقييم النهائيّ للمستوى اللّغويّ في امتحانات الشهادات الرسمية، قبل البحث في إشكالية تطبيق المنهجية في الصفوف ما قبل المنتهية، والتعرّف إلى بعض المعوّقات، ثم البحث عن بعض الحلول التي قد تُسهم في تحسين المستوى اللّغويّ المنشود.

1- مرتكزات المنهجيّة وإشكالية تطبيقها:

     يُعتبر "المنهج" رؤية، أو نظرية تهدف إلى تعديل أو تغيير في بنية النظام التربويّ القديم، واستبداله بنظام تربويّ جديد، يواكب التطورات العلميّة والتحوّلات الاجتماعية.

     أمّا "المنهجية" فهي التطبيق العملي للمنهج، تندرج عبر إجراءات تنفيذية، تشمل الكثير من التقنيات والكفايات والمفاهيم التي تُسهم في طريقة تطبيقها وكيفية تقديمها وعرضها في مختلف المراحل التعلّمية.

     لذلك، ركّزت المنهجيّة، على سبيل المثال، على جعل "النصّ" منطلقًا للقراءة والفهم والاستيعاب والاستنباط والتطبيق.. وعلى جعل "التلميذ" محور العملية التربوية؛ فهو المقصد وهو الهدف، بغية بناء شخصيّته.. وكذلك ركّزت المنهجية على الانتقال من مفهوم "التلقين" إلى مفهوم "الإبداع الذاتي" الذي يعتمد على استعداد التلميذ ومدى اهتمامه.

     ولكن ما قرّرته المنهجية وسعت إلى تطبيقه شيء، والواقع الذي يعيشه التلميذ شيء آخر؛ وهذا ما يوحي بوجود إشكالية في تقييم المستوى اللّغويّ في امتحانات الشهادات الرسمية. وأبرز ما يعمّق هذه الإشكالية يتمحور حول المستوى اللّغويّ في الصفوف ما قبل المنتهية.

2- إشكالية المستوى اللّغويّ في الصفوف ما قبل المنتهية:

     تنطلق هذه الإشكالية من العناصر الآتية:

     أ- طبيعة التعامل مع النصوص وأسئلتها:

     اتّسم التعامل مع النصوص بالكميّة، وبمحاولة المعلِّم إنجاز المحاور المطلوبة في كتب القراءة، مع انتهاء العام الدراسيّ، وذلك على حساب النوعية، وعلى حساب إشباع التلميذ بالتدريب على تطبيق التقنيات والكفايات بشكل فعّال.

     فالنصوص، من حيث المبدأ، لا غبار عليها، إذ إن الجهود التي بذلها المؤلّفون في البحث عن النصّ المناسب للمحور المناسب، لا يُستهان بها، ولا يمكن التقليل من أهميتها.. ولكن ما يمكن ملاحظته هو وجود فجوة بين مرحلة تعلّميّة ومرحلة أخرى؛ ففي المرحلة المتوسطة، مثلًا، يتمّ التركيز على اللّغة والوظائف النحوية والبلاغية.. أمّا في المرحلة الثانوية فيتم التركيز على مفهوم الأدب والتحليل الأدبي، أمّا التطبيق اللّغويّ فيمرّ مرور الكرام، حيث يكتفي المعلّم بإعراب بعض المفردات... ورغم أنّ كتب الأدب العربي، إمّا مرفقة بكتاب "القواعد والبلاغة والعروض" وإمّا مرفقة بملحق، كما في آخر كتاب "الأدب العربي" للثانوي الثاني علمي... ورغم أن المؤلّفين أشاروا في مقدّمة كتاب الأدب إلى وجوب تعلّم اللغة إلى جانب مادة الأدب.. إلّا أن هناك قصورًا في تعليم الجانب اللّغويّ.

     وهنا لا بدّ من طرح بعض الأسئلة: "هل يوظّف المعلّمون فروع اللّغة المطلوبة من خلال النصوص التي يقرّرونها لتلامذتهم، أم أنهم يكتفون بقراءة النصّ قراءة عابرة ثم يشتغلون بقسم من الأسئلة المطروحة؟ هل يلجأون إلى إشباع ذاكرة التلميذ في ما يتعلق بالإعراب، والصور، والتراكيب، وتوظيف القواعد النحوية والبلاغية من خلال النصّ قبل الانتقال إلى الأسئلة؟

     أعتقد أن تقييم المستوى اللّغويّ في امتحانات الشهادات الرسمية ينطلق من الإجابة عن هذه الأسئلة. لأن جعل "النصّ" منطلقًا للقراءة والفهم، كما أشارت المنهجية، يقضي بتفعيل قراءته قراءة معّمقة.

     ب- طبيعة التعامل مع التعبير الكتابيّ:

     يجسّد التعبير الكتابيّ كلّ فروع اللّغة، ولكن كيف يجري التعامل مع هذا النوع في الصفوف ما قبل المنتهية؟

     التعبير الكتابيّ هو الحصيلة التي يتوّج بها التلميذ كلّ ما تعلّمه واكتسبه، وهو الدليل على مدى تمكّنه من "إنشاء نصّ متماسك" كما أشارت المنهجيّة.

     ولكن هل يجري العمل على تدريب التلميذ بشكلٍ فعّال، في الصفوف ما قبل المنتهية، ليكون التقييم النهائيّ على قدر ذلك التدريب؟ هناك عقبات كثيرة تحدّ من تمكّن التلميذ من كتابة تعبير سديد وجيّد، من ذلك مثلًا: - اعتماده على الأهل، أو على النقل والنسخ.. وعدم فعالية التصحيح داخل الصف...

     وانطلاقًا من هذه العقبات، في التعامل مع النصوص ومع التعبير الكتابيّ، في الصفوف ما قبل المنتهية، فكيف يستقيم تقييم المستوى اللّغويّ في امتحانات الشهادات الرسمية؟

3- تقييم المستوى اللّغويّ في امتحانات الشهادات الرسميّة:

     الكلّ يعلم أن تقييم المستوى اللّغويّ في مسابقات الامتحانات الرسمية يتمّ من خلال قسمين، هما:

     - القسم "أ" الذي يتعلّق بالإجابة عن أسئلة الفهم والتحليل والتطبيق.

     - القسم "ب" الذي يتعلّق بالتعبير الكتابيّ.

فكيف يجري تقييم كلٍّ من هذين القسمين؟

     أ- في تقييم النّصوص وأسئلتها:

     إنّ العلاقة بين النصّ وأسئلته علاقة جدليّة، لأن كثيرًا من الأسئلة تستوجب من التلميذ العودة إلى النصّ، ليتأكّد من السياق الذي يساعده في الإجابة.

     وبالعودة إلى أسئلة الامتحانات الأخيرة للعام الدراسيّ (2013)، في مسابقتي المتوسط والثانوي يمكن ملاحظة ما يلي:

     - التفاوت في عدد الأسئلة، حيث تراوحت في المتوسط ما بين (11 و12) سؤالًا، وفي الثانوي ما بين (6 و8) أسئلة.

     - التفاوت في الوقت المحدّد لكلّ مسابقة، ففي المتوسط (ساعتان) وفي الثانوي (ساعتان ونصف)، بما في ذلك التعبير الكتابيّ.

     والسؤال هنا: كيف يُعطى الوقت الأقلّ للأسئلة الأكثر عددًا، والوقت الأكبر للأسئلة الأقلّ عددًا؟

     وإذا ما عرفنا بأن هناك تشابهًا في حوالى سبعة أنواع من الأسئلة، ما بين مسابقتي المتوسط والثانوي (= الحقل المعجمي – شرح عبارة أو بيت شعر – تلخيص فقرة – تعريف بنوع النصّ أو نمطه – ضبط الحركات – وضع عنوان جديد وتسويغه – الإعراب..)، إذا ما عرفنا ذلك، فكيف يمكن إجراء تقييم حقيقيّ؟ أضف إلى ذلك صعوبة بعض الأسئلة في مسابقة الشهادة المتوسطة التي لا تتوازى مع مستوى تعلّم التلامذة، ولا مع مستوى أعمارهم، إذا ما قارنّا ذلك مع المستوى التعلّمي لتلامذة الشهادة الثانوية وخبرتهم. مثال ذلك أسئلة رقم (1 – 2 – 6 – 8 – 10 – 11 – 12)، وكلّها تحتاج إلى وقت وتفكير، بالنسبة إلى مستوى تلامذة المتوسّط (= نصّ "اتكل على نفسك" نموذجًا).

     ودليل ذلك، سؤال ضبط الحركات، على سبيل المثال والمقارنة، ففي هذا السؤال، في مسابقة الشهادة المتوسطة، جاء عدد الكلمات المطلوب ضبط أواخرها بالحركات المناسبة (22) كلمة، والعلامة المحدّدة لهذا السؤال (3 علامات)، وهذا ما يسهِّل احتساب العلامة.. بينما السؤال نفسه فى إحدى مسابقات الثانوية العامة، حيث جاء عدد الكلمات (81) كلمة، والعلامة المحدّدة (علامة ونصف)، وهذا ما يعقّد احتساب توزيع العلامة وتقديرها من قِبل المصحّح. وقس على ذلك في بقية الأسئلة.

     ب- في تقييم التعبير الكتابيّ:

     إذا ما تتبّعنا "معايير التصحيح" و "معايير الإجابة" في التعبير الكتابيّ لمسابقة الشهادة المتوسطة، في نصّ "اتَّكل على نفسك" مثلًا، فيمكن ملاحظة ما يلي:

     - ورود كلمة "مشوّقًا" في المعايير، وعدم ورودها في الموضوع المعطى.

     - ورود خمسة أفكار متسلسلة في المعايير، وعدم الإشارة إلى عناصر القصّة التي تدرّب عليها التلميذ.

     - إغفال الإشارة في المعايير إلى الأنماط الثلاثة التي وردت في الموضوع المعطى (الوصف والسرد والحوار).

     - التفاوت في تقدير علامة التعبير بين مصحّح وآخر تفاوتًا كبيرًا أحيانًا.

     وإذا ما علمنا أنّ تقييم التعبير الكتابيّ يرتكز أساسًا على جودة الأداء عند التلميذ لكلّ مستويات اللّغة، وعلى تقدير العلامة التي لها التأثير الكبير على ارتفاع أو تدني نسبة النجاح.. فإنّ العودة إلى المستوى التعلّمي لتلامذة الشهادات الرسمية، وللصفوف ما قبل المنتهية، تبدو ضروريّة لتقويم ما يجري.. وذلك بغية تفعيل مادة التعبير.. ومن هنا يستمد التقييم جدّيته، وإلّا فإنه يبدو بمثابة قصاص للتلميذ. مع الأخذ بعين الاعتبار بعض المعوّقات التي تشلّ قدرة التلميذ على العطاء والتجاوب، والتي لا علاقة للجان التقييم والتصحيح بها، والتي يمكن الإشارة إلى بعضها باختصار، للعمل على معالجتها بقدر الإمكان.

     4- بعض معوّقات التقييم:

     أ- هدر الوقت المحدّد للمسابقات:

     يلاحظ المصحّحون أن التلميذ يهدر ما يزيد على ثلثي الوقت المحدّد للمسابقة على الإجابة عن الأسئلة، ما بين قراءة النصّ، والأسئلة، والتفكير في الجواب وصوغه، والتلفّت وتبادل الإشارات... ولا ينتبه للتعبير الكتابيّ إلّا بعد أن يذكّره المراقب بما تبقى من وقت. وهنا يدخل في المجهول والفوضى والتسرّع، فتأتي كتابته للتعبير هشة ضعيفة.

     ب- الفراغ الثقافيّ اللّغويّ:

     كلّنا يعلم أن التلامذة ابتعدوا عن المطالعة، وغرِقوا حتى آذانهم في محيط وسائل التواصل الاجتماعيّ والشاشات الصغيرة، ما ينتج من ذلك فراغ ثقافيّ لغويّ، خصوصًا وأن الرسائل تكتب بلغة عامية مكسّرة، أو بحروف إنكليزية أو لاتينية.. ما ينسيهم لغتهم الفصحى والتعثّر في كتابتها.

     5- مقترحات عملية:

     أؤكّد على صفة "العملية" للإشارة إلى أنّ هذه المقترحات قابلة للتنفيذ، ومنها:

     أ- زيادة حصص تدريس مادة اللّغة العربية؛ فتكون لكلّ من الحلقتين، الأولى والثانية، عشر حصص أسبوعيًّا – وللحلقة الثالثة ثماني حصص – وللمرحلة الثانوية، سبع حصص للفروع الأدبية والإنسانيات، وخمس حصص للفروع العلمية.

     ب- تفعيل قراءة النص داخلّ الصف:

     ينطلق هذا التفعيل من القراءة الكليّة السليمة للنّص أولًا، ثم القراءة الفقريّة؛ بحيث لا ينتقل المعلّم من فقرة إلى أخرى، إلا بعد تحليلها وفهم ما فيها من تقنيات وكفايات؛ تبدأ في البحث عن سبب ضبط الحركات، وفهم المعاني التضمينية، وإعراب المفردات والجمل، والتعرّف إلى الصور والمحسّنات، ومعرفة أنواع التراكيب وما فيها من تقديم وتأخير، وطول وإيجاز.. وهكذا حتى تنتهي قراءة النصّ.

ﺠ- المطالعة الجادّة والمنتجة:

     حدّدت المنهجية كتابًا في الثقافة العالمية، للمطالعة لكلّ صف من الصفوف الثانوية، وألزمت التلامذة بقراءتها من خلال تحديد علامة لها.. ولم تفعل ذلك في المتوسّط، فهل يفعل القيّمون على المنهجية؟

     د- إعادة النظر في المدة المحدّدة للمسابقات:

     يمكن الفصل بين قسمي "أ" المتعلّق بالأسئلة، و"ب" المتعلّق بالتعبير؛ فيحدّد ساعة ونصف لقسم "أ"، وساعة لقسم "ب" وإجراء امتحان في كلّ قسم منفصلًا عن الآخر، ثم يتم ضمّ الورقتين بشكل ثابت ومتين.وهذا مقترح مهم لٳعطاء كلّ قسم حقّه من الوقت ودقّة الٳجابة.

   وختامًا، أجد أن هذه المقترحات، مع تفعيل قراءة النصوص قبل الامتحانات النهائية، مع تضامن جهود الجميع، قد يسهم في حلّ إشكالية المستوى اللّغوي، وفي صدقية التقييم وجديته، قبل أن تتحوّل الأمور إلى مشكلة قد يصعب